محتويات
الحرية في الفلسفة
يرتبط مفهوم الفلسفة في التخلّص من الإكراهات المختلفة، سواء كان لها طبيعة بيولوجية، أو اجتماعية أو نفسية، ونظراً لكل هذه الجوانب المتباينة، والتي يستند عليها مفهوم الحريّة، فإنّ تحديد المفهوم يضع العديد من الصعوبات، فإذا كانت خصماً للحتمية، فهذا يعني أنّها ستُلقى في أحضان الصدفة، ولكن إذا كانت تخضع لسيطرة قانون ما، فهذا سيجعلها خاضعة لمفهوم الإرادة موضع التساؤل، بحيث أن الإرادة تتطلب الحديث عن المسؤولية، فبدونها لا يمكن السيطرة على حرية الإرادة، ويمكن التعبير عن هذه العبارات عن طريق عدد من الإشكالات الفلسفية.
مفهوم الحرية في الفلسفة استناداً على الإشكالات الفلسفية
الحرية والحتمية
- التوازن بين الحرية والحتمية: لا يمكن الفصل بين الحرية والحتمية في نظر الوليد بن رشيد، فيستطيع الإنسان عمل الخير أو الشر من خلال القدرة والإرادة الموجودة لديه، ولكنه في الوقت نفسه مرتبط بعدد من الأولويّات والضرورات، مثل: قوانين الطبيعة، لذلك لا يمكن رؤية فعل الإنسان حراً أو مقيداً بالشكل المطلق، فهو يعتمد على حرية الاختيار والقدرة والإرادة معاً، كما أنه مرتبط بالقدرة البدنية وشروط قوانين الطبيعة التي خلقها الله.
- الحرية النسبية: إذا كان التفكير بطريقة موضوعيّة ينطلق من الوجود الموضوعيّ للكائن، ويتجه نحو أفعاله، حينها يجب أن يأتي بالضرورة من المحيط الخارجي، وبالتالي لا يوجد حرية بشكلٍ مطلق، أما إذا كان التفكير بطريقة تأملية عند دراسة الوعي للإنسان، ويوجز بأنّ أفعال الإنسان تنبع من داخله، فهذا يعني بأن الحرية مطلقة، كما ويعتبر موريس ميرلوبونتي أنّ الحرية شي نسبي؛ لأنّ معرفة نظام الظواهر يوضح لنا أنّنا منسجمون ومندمجون مع العالم اندماجاً وثيقاً لا يمكن فصله، وبالتالي فإن الوضعية التي نكون فيها تلغي الحرية المطلقة عند البدء بالفعل وإنهائه، وهنا يمكن للإنسان إدخال تعديلات لها علاقة بالإرادة على وضعه الموجود.
حرية الإرادة
- الأخلاق والإرادة الحرة: عرف الفيلسوف إيمانول كانط مجال الأخلاق على أنه المجال الذي يتم به ممارسة الإرادة الحرة لفعل الإنسان، بحيث أنه كائناً عاقلاً يستطيع وضع العديد من القوانين العقلية لفعله والخضوع لها، وهذا استناداً على قوة الإرادة لديه، بحيث أن كل إنسان عاقل يتمتع بإرادة وقدرة على عمل الفعل الأخلاقي، وبالتالي لا وجود للفعل الأخلاقي بعيداً عن الحرية.
- إرادة الحياة: يرى فريدريك نيتشه بأن لم يكن هناك أي هدف من وجود الحيوان الإنسان كنوع من إرادة الحياة في هذا الكون، لذلك اعتبرها أخلاقاً كاملة، وذلك من أجل إعطاء معناً للحياة، وفي رغبته في الوصول إلى الأخلاق الكاملة، فعمل الإنسان على نفي الحياة عن طريق التخلص من كل ما هو مادي وحسي عنده، لذلك دعى فريدريك إلى ضرورة مقاومة هذا الجانب من خلال الإرادة الحرة، فيدافع الإنسان عن إرادة الحياة.
الحرية والقانون
- الدستور كضامن للحرية: يمكن تعريف الحرية حسب الأنظمة الديمقراطية على أنّها الحق في القيام بكل الأمور المسموح بها في القوانين، فإذا كان كل مواطن قادراً على القيام بعمل معين تمنعه القوانين، فلن يكون له حرية في المستقبل ما دام الآخرون لهم القدرة نفسها على القيام بما يرغبون، حيث إنّه لا وجود للحريات السياسية في الحكومات المعتدلة، وهنا يمكن للقانون وضع دستور يحمي القانون من كل الأفعال المنافية له.