الذنوب
يحرص المسلم على تجنّب ارتكاب المعاصي والآثام؛ لأنّه يسعى لنيل رضا الله سبحانه وتعالى، والفوز بجائزته وهي الجنّة، وقد يتعرّض المسلم في حياته لتحدّيات كثيرة وفتن ظاهرة وباطنة تسعى لحرفه عن منهج ربّه وصراط دينه المستقيم باستغلال ما وضعه الله تعالى في النّفس البشريّة من نوازع وشهوات قد تؤدّي إلى أن يرتكب الإنسان الذّنوب والمعاصي في لحظات الضّعف، وقد بيّن الله تعالى رحمته الواسعة لعباده وأنّه يغفر الذّنوب جميعًا لمن يشاء من عباده إلاّ ذنب الشّرك بالله تعالى، وقد ميّز الله تعالى في كتابه العزيز بين الذّنوب الصّغيرة أو اللّمم، وبين الذّنوب الكبيرة أو الكبائر، قال تعالى في وصف المتّقين: (الذين يجتنّبون كبائر الإثم والفواحش إلاّ اللّمم) فما هي كبائر الذّنوب وما هو تعريفها؟ وهل يمكن للمسلم التّوبة عنها والتّحلل منها؟ وهل يتقبّل الله ذلك؟
تعريف الكبائر
عرّف علماء الشّريعة الإسلاميّة الكبائر بالفعل أو القول الذي يصدر من قبل الإنسان المسلم ويرتبط بهذا الفعل وعيد الله تعالى بالعذاب والعقاب، ويوجد لعدد من كبائر الذنوب حدودًا وضعها الله تعالى لحفظ المجتمع الإسلامي، وتختلف الكبائر التي ذُكرت في القرآن الكريم وأحاديث النّبي عليه الصّلاة والسّلام عن الذّنوب الصّغيرة أو اللّمم، وهي الذّنوب التي تكون دون الكبائر في الجرم، وقد لا يترتب عليها عقاب ووعيد، وإنّما تكون مجرّد سيئات ويتحلّل المسلم منها عن طريق الاستغفار والتّوبة، ومن الأمثلة على كبائر الذّنوب الزّنا وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، والرّبا، والسّرقة، والسّحر، وعقوق الوالدين، والتّولي يوم الزحف، وغير ذلك من الذّنوب الكبيرة التي نهى الله عنها وتوعّد من يرتكبها بالعقاب والعذاب.
التّوبة من كبائر الذّنوب
ذكرت كتب السّيرة النّبويّة قصّة الصّحابي ماعز الذي زنى بالغامديّة، وقد اعترف ماعز واعترفت الغامدية بارتكاب هذه الكبيرة، وذهبوا إلى رسول الله عليه الصّلاة والسّلام حتّى يقيم عليهم حدّ الزّنا على الزّاني المحصن وهي الرّجم بالحجارة، وقد أقام عليهم النّبي الحدّ مبيّنًا عودتهم بهذه العقوبة كما ولدتهم أمهاتهم بلا ذنوب، فحدود الكبائر تكفّر سيئات صاحبها فيقبل الله توبته ويغفر له ذنبه، أمّا من ارتكب كبيرة لها حدّ في شرع الله ولم يقام عليه الحدّ فأمره إلى الله تعالى يوم القيامة إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له، أمّا ما ورد من كبائر الذّنوب التي ليس لها حدّ مثل الرّبا وعقوق الوالدين فإنّ العودة عنها تكون بالتّوبة إلى الله تعالى توبةً نصوحاً والاستغفار عمّا سلف.