يحوي التاريخ الإسلاميّ صفحاتٍ مُضيئة ومُشرقة على الرغم من مُحاولات بعض المُستشرقين من المؤرخين العرب في الطعن بهذهِ الصفحات المُشرقة أو الإساءة إليها، ولعلّ من أكثر الدول الإسلاميّة التي واجهت حجماً كبيراً من التشويه هيَ الدولة العُثمانيّة، فما هيَ هذهِ الدولة وما هيَ قصّتها وإلى من تُنسب؟
ما قبل ظُهور العثمانيين
هاجرَت قبائل التُرك من منطقة تُركستان في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي نحوَ مناطق آسيا الصُغرى، حيث كانت هذهِ الهجرات بفعل الحُروب الدامية وغزوات المغول المُتكرّرة بالإضافة إلى البحث عن الكلأ ورغد العيش، ومع مُرور الزمن نشأت لهذه القبائل دولة قويّة هي الدولة السلجوقيّة، والتي كانت على اتصال ودعمٍ للخلافة الإسلاميّة في بغداد، حيث كانت هذهِ الدولة على المنهج السُنيّ وقامت بمُحاربة الشيعة وخُصوصاً البويهيين.
بداية تاريخ الدولة العُثمانية
في القرن السابع الهجريّ وخُصوصاً عندما اشتدّت وطأة المغول في زمن جنكيز خان، هاجرت قبائلَ من التُرك أيضاً من كُردستان باتجاه منطقة الأناضول وبالتحديد إلى مدينة أخلاط، وكانَ في هذهِ الهِجرة سُليمان جدّ عُثمان مؤسس الدولة العُثمانيّة، حيث هاجرَ إلى أخلاط في الأناضول ومعهُ ما يُقارب مائة أسرة تُركيّة وحوالي أربعمائة فارِس، وتولّى زعامة قومه بعد وفاة ابنه أرطغرل وهوَ والدُ عُثمان، والذي حقق ولاءً وحِلفاً مع السلاجقة الروم، وكانَ لهُ دورٌ كبير في النصر على بعض الهجمات الصليبيّة على العالم الإسلاميّ.
في العام الذي سقطت فيهِ بغداد حاضرةُ الخلافة العباسيّة على يدِ المغول، ولِدَ عُثمان أرطغرل مؤسس الدولة العُثمانيّة والتي تُنسبُ إليه، وكانت ولادتهُ رحمهُ الله تعالى في عام 656 هجري، وقد تقلّد زِمام الحُكم من والده أرطغرل في عام 699 هجري.
إعلان الخلافة العثمانية
أعلنَ عُثمان أرطغرل - وهوَ أول حاكمٍ عُثمانيّ - الخلافة الإسلاميّة، وكانَ يتميّز بالعدل والورع والشجاعة في الحرب، فقد كانَ يشترك في الحُروب بنفسه كما وردَ ذلك في كُتب التاريخ، وكانت تلك الحُروب سبباً في نشر الإسلام في دول البلقان ودول العالم الإسلاميّ المعروفة اليوم، بالإضافة إلى تحجيم الهجمات الصليبيّة على العالم الإسلاميّ والقضاء عليها.
جاءَ إلى الخلافة بعدَ عُثمان الأوّل ابنهُ أورخان، وقد كانَ الهاجس لدى السُلطان أورخان وكذلك السلاطين الذين جاؤوا من بعده أن يفتحوا مدينة القسطنطينية، وهي عاصمة الدولة البيزنطيّة، وذلك تنافساً منهُم على بشارة النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم وتحقيقاً لها، وشاءَ الله أن يتمّ الفتح على يد السُلطان مُحمّد بن مُراد الثاني والمُلقّب بالفاتح، حيث فُتحت القسطنيطينية في عهده كما بشّرَ بذلكَ النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام فكانَ نِعمَ الأمير مُحمّد الفاتح ونِعمَ الجيش جيشه.
بلغَ عدد سلاطين الدولة العُثمانيّة خمسةً وثلاثينَ سُلطاناً، كانَ آخرهُم السُلطان مُحمّد خان الخامس رشاد الدين.