سد مأرب
يعود تاريخ تشييد هذا السد المائي إلى أوائل الألفية الأولى قبل الميلاد، فيعتبر بذلك أقدم السدود حول العالم، ووصفه الباحثون على أنه معجزة في تاريخ شبه الجزيرة العربية، ويمتد هذا السد مساحة تصل إلى أربع وعشرين ألف آكر، ويعتبر من أثار السبئيين في اليمن، ومن السدود السبئية التي قامت في اليمن إلى جانب سد مأرب سد الخانق، وسد أضرعة، وسد مرخة، وسد شاحك، وسد جفينة.
قام السبئيون ببناء هذا السد باستخدام الحجارة، وتم نحت هذه الصخور المقطعة بكل دقة ومهارة عالية، وقاموا برصفها فوق بعضها البعض بالربط بينها باستخدام مادة الجبس.
كما قاموا باستخدام القضبان الأسطوانية المصنوعة من مادتي النحاس والرصاص البالغ طول القضيب الواحد منها ستة عشر متراً، ويصل طول قطرها إلى نحو أربعة سنتيمترات وتستخدم بمثابة مسمار فتوضع داخل ثقوب الحجارة لتندمج فيما بعد بصخرة ليتم منح السد القوة والثبات أمام الكوارث الطبيعية كالزلازل والسيول القوية وغيرها.
تعرّض هذا السد للانهيار أربع مرات على الأقل إذ كان أخر هذه الانهيارات في عام 575م، وبقي دون ترميم نظراً لبعض الاضطرابات والغياب الحكومي وتزعزع الأمن في البلاد وغيرها من الأسباب التي دعت لإهماله.
بناء السد القديم
تضاربت الأقوال والآراء بين الباحثين فيما يتعلق ببناء سد مأرب العظيم، وكشفت الدراسات التي أجراها المعهد الألماني للآثار بأن بناء السد قد مرّ بأطوار متعددة. أظهرت النظم الزراعية القائمة بالقرب من مدينة مأرب بأن تاريخ وجودها يعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، أما سد مأرب نفسه فإنه تدور الشكوك حول بنائه في القرن الثامن قبل الميلاد واستمر بأداء عمله على أكمل وجه حتى حلول عام 575م.
أشارت بعض النصوص التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن، بأن حكام وملوك اليمن في تلك الحقبة توجهوّا لإجراء الإصلاحات على السد وإعلائه، إذ بلغ طول السد نحو خمسمائة وسبعة وسبعين متراً بعرض تسعمائة وخمسة عشر متراً، واستطاع السد حصر الماء نظراً لبنائه في الناحية التي تسيل منها السيول، وتم تزويده بثقوب وأبواب وذلك لغايات السماح بالتحكم بأكبر قدر ممكن من المياه بعد أن تستقر بالحوض.
يحظى السد برقي ملموس هندسياً، إذ عاين المهندسون القائمون عليه الأرض المقام عليها السد قبل إنشائه، ثم بدؤوا ببنائه حسب ما أعدوه من مخططات هندسية متقنة، ويمكن وصف السد بأنه حائط حجري كبير جداً، تم إقامته في موقع يعتبر نقطة خروج السيل من الوادي، ويمتد السد من الناحية الجنوبية لمسافة ستمائة وخمسين متراً نحو الشمال، ويحتوي على أبواب تفتح وتغلق وفقاً للحاجة المتطلبة لمرور الماء منها.
السد الحديث
تبرع الرئيس الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في عام 1986م بترميم سد مأرب وإعادة تأهيله بالإضافة لتوسيعه، إذ أصبح بعد ذلك يتسع لأكثر من أربعمائة مليون متر مكعب من الماء، واتسعت مساحة البحيرة لتصل إلى ثلاثين كيلومتراً مربعاً، ويستفيد من مياهه أكثر من ستة عشر ألف هكتار من المساحات المزروعة.
شرعت الجهات الإماراتية المسؤولة عن ترميم هذا السد بالمرحلة الثانية من المشروع، إذ تمت زيادة طوله إلى نحو تسعة وستين كيلومتراً، ويعتبر صندوق أبو ظبي للتنمية الممول لهذا المشروع، إذ بلغت التكلفة الإجمالية لهذا المشروع ثلاثة وعشرين مليون وتسعمائة وعشرة آلاف دولار أمريكي.
الحرب الأهلية
كشفت اليونسكو عن تعرّض جدران سد مأرب القديم للأضرار في أعقاب أحداث الحرب الأهلية الأخيرة المندلعة في اليمن بتاريخ واحد وثلاثين من شهر مايو عام 2015م، وكان ذلك بعد أن شنّت طائرات التحالف الدولي غارة جوية على الحوثيين، ونفت مصادر أخرى ما أفادت به اليونسكو .