محتويات
تاريخ بناء الكعبة
الكعبة المشرفة هي قبلة صلاة المسلمين وهي البناء الذي يطوف حوله الحجاج في الحج والعمرة، وهي أقدس مكان وفقاً للعقيدة الإسلامية. وتعدّ الكعبة أول بيت بني على سطح الأرض استناداً لقوله تعالى: [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ] (آل عمران : 96).
وضع أساسات الكعبة (البناء الأول)
وفقاً لما ورد في الروايات التاريخية والدينية قد بنيت الكعبة اثنتي عشرة مرةً على مر أزمنة مختلفة منذ بدء الخليقة، كان أولها أن قامت الملائكة بوضع حجارة الأساس للمبنى التي يروى أنّها كانت من حجارة الجنة، وقام بعد ذلك آدم عليه السلام بتشيد المبنى وبناه من بعده ابنه شيت إلا أنّه هدم بفعل الطوفان في عهد نبي الله نوح عليه السلام، حيث روى عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ ، فَقَالَ لَهُمَا: ابْنِيَا لِي بِنَاءً ، فَخَطَّ لَهُمَا جِبْرِيلُ ، فَجَعَلَ آدَمُ يَحْفِرُ وَحَوَّاءُ تَنْقِلُ حَتَّى أَجَابَهُ الْمَاءُ، نُودِيَ مِنْ تَحْتِهِ: حَسْبُكَ يَا آدَمُ فَلَمَّا بَنَيَاهُ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ، وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ أَوَّلُ النَّاسِ، وَهَذَا أَوَّلُ بَيْتٍ، ثُمَّ تَنَاسَخَتِ الْقُرُونُ حَتَّى حَجَّهُ نُوحٌ، ثُمَّ تَنَاسَخَتِ الْقُرُونُ حَتَّى رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْهُ".
بناء الكعبة قبل الإسلام
قام سيدنا إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل ببناء الكعبة مرة أخرى امتثالاً لأمره تعالى: [ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ] (البقرة : 127)، بقيت الكعبة بعد ذلك على حالها حتى سكنت مكة بعض القبائل العربية يدعون العماليق وجرهم الذين أصلحو ما تضرّر من بنيانها بفعل الزمن والعوامل الطبيعيّة، وكانت الكعبة كلَّ الفترةِ السابقة غير مسقوفة الى أن سقفها قصي بن كلاب وهو واحد من أجداد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
في العام الخامس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم - وكانت قريش آنذاك تسكن مكة - أوشكت الكعبة على الانهيار بسبب السيول المتكررة التي تعرّضت لها مكة في ذلك الوقت، فأجمع أهل مكة على هدمها وإعادة بنائها ليكون البناء متيناً قادراً على تحمّل السيول وغيرها من المؤثرات الطبيعيّة، واتفقت قريش على أن تتعاون كلّ القبائل في بنائها من المال الحلال الخالص ولكنهم صغروا من مساحتها حين قصرت أموالهم.
بناء الكعبة بعد الإسلام
في عهد عبدالله بن الزبير تعرضت الكعبة لحريق كبير ناتج عن ضربها بالمنجنيق من قبل جيوش يزيد بن معاوية حين احتمى عبد الله بن الزبير وصحبه داخل الكعبة أثناء حصار جيوش الأمويين لمكة، ليقوم بعد ذلك عبد الله بن الزبير بهدمها وإعادة بنائها ولكن على قواعدها القديمة التي بناها إبراهيم عليه السلام، الى أن قامت الحروب مرة أخرى بين الأمويين وعبد الله بن الزبير في عهد عبد الملك بن مروان الذي قضى على عبد الله بن الزبير بأن أرسل عليه جيوش الأمويين بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي هدم جزءاً من الكعبة وأعاد بناءها على الأسس التي وضعتها قريش.
في عام 1630م - في عهد السلطان العثماني مراد الرابع - تضررت الكعبة بسبب السيول الضخمة التي ضربت مكة في ذلك العام، فأمر السلطان مراد بإعادة إعمارها لتكون البناء الحالي الشاهد أمامنا اليوم.