تفسير سورة الناس
يقول الله تعالى جلّ في عُلاه بمخاطبة نبيّه، يا محمد قُل استجير برب الناس وملك الخلق جميعاً، من الإنس ومن الجان ومن غيرهم، فكل شيء في سلطانه يسير بقدرته وحكمه عز وجلّ، فهو صاحب الحق في التعظيم، ومعبود الناس الذي تكون له الربوبية وحده، استجر بالله من شر الشيطان الذي يوسوس تارة ويخنس تارة أخرى، فقد يخنس بعدما يُطاع من الإنسان فيكون حقق ما يُريد، وقد يخنس في موضع آخر عندما يوسوس فيكون رد العبد عليه بذكر الله، فصفة الشيطان البارزة أنّه وسواس خنّاس، يقوم بذلك في صدور الإنسان والجان، ومن الجدير بالذكر هنا أن الله تعالى قد سمّى الجان بالناس، في حين أنّه سمّاهم في موضع آخر بالرجال حيث قال: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا).[١][٢]
غرض السورة ومقصودها
تُعتبر سورة الناس آيات بيّنات يلجأ بها المؤمن إلى الله عز وجلّ، فيتمسّك ويعتصم به من شرور الشيطان، الذي دائماً ما يوسوس في صدور الناس بالسر والعلن، فعلى المؤمن أن يواجه شياطين الإنس والجان من خلال التحصّن بقوّة اليقين والثقة برب العزّة وقدرته، فبالإستعاذة يكون التحصّن الذي يجعل الوسواس يخنس ويضعف أمام قوة الإيمان وعظمة الرحمن، بيد أنّه لا شك أن الصراع بين الخير والشر دائم، وسيبقى الشيطان يُحاول إخراج الناس من النور إلى الظلام يكيد لهم كيداً، وبهذا جاء مقصود السورة بشكل جليّ، فالشيطان سيسعى بكامل همّته وجنوده في إغواء بني آدم، ومواجهة مكائدهم لا تكون إلّا بالتحصّن بجلال الله وقدرته والإعتصام به.[٣]
خلاف أهل العلم في نزول السورة
اختلف العلماء في نزول سورة الناس إن كانت مكية أو مدنية، فقد قال جمع منهم بأن رواية مكية النزول أصحّ من رواية مدنيتها، إلّا أن جمع آخر من العلماء رأى أنها نزلت في المدينة المنورة، وقدّموا الاستدلال في ذلك لقصّة لبيد بن الأعصم،[٤]ذلك اليهودي الذي سحر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمرض مرضاً شديداً إلى أن أعلمته الملائكة بأنّه مسحور، وأن السحر في بئر تحت صخرة، فأمر رسول الله أصحابه بإحضاره، حيث وجدوا الماء كالحنّاء، فأزاحوه ورفعوا الصخرة حتّى أخرجوا السحر وكان به إحدى عشر عقدة، تُحلّ كل واحدة منها كلّما قرأ الرسول آية من سورتي الفلق والناس.[٥]
المراجع
- ↑ سورة الجن، آية: 6.
- ↑ "التفاسير"، www.altafsir.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2018. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420 هـ)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 345-349، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ "كيف سحر النبي صلى الله عليه وسلم مع مواظبته على قراءة المعوذتين"، fatwa.islamweb.net، 2010-7-17، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2018. بتصرّف.
- ↑ أبو الحسن هشام المحجوبي، وديع الراضي (1-10-2015)، "تفسير سورة الناس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2018. بتصرّف.