شكرُ النعم
يتقلّب المؤمنُ يوميّاً فيما لا يُعدّ ولا يُحصى الكثير من النعم التي يُغدِقها عليه خالقه، أكبرُها نعمة الإسلام والهداية. وأقلّ ما يمكن فعله للاعتراف بهذا الفضل العظيم هو شكرُه تعالى على نعمه، قال تعالى: (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة، الآية: 172]
شُرِع سجود الشكر عندما تحصلُ النعم للمسلم. وإذا كان المرءُ يشكر إنساناً إذا صنع له معروفاً، فمن باب أولى أن يشكر ربّه الذي يغمره بنعمه، ولْيعلمِ أنّ شكره لهذا النعمة سببٌ لاستقرارها وعدم زوالها، بل وزيادتها من الله تبارك وتعالى، حيث قال: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم، الآية: 7].
أركان الشكر
- الاعتراف القلبيّ بأنّ هذه النعمة التي جاءتْ للعبد هي فضلٌ من اللهِ تعالى مع محبّتِه والخضوع له.
- شكره تعالى عليها والتحدّث بها ونسبها للمنعم وحدَه، والعلم أنّ الإنسانَ لا يستطيعُ جلبَ ما يريدُ ما لم يتفضّل عليه خالقه به.
- عدم تضييع النعمة وهدرها، بل استعمالها فيما يرضي الله -عز وجل-، وهذا من بابِ شكر النعمة.
فوائد شكر الله على نعمه
- دخول الشاكر في قائمة المؤمنين: لأنّ العبد المؤمن يتميّزُ بشكر الله تعالى على كلّ ما يصيبه، إن كان خيراً فرح وشكر، وإن كان شراً احتسب وصبر، فهو يعلم أنّ كلّ ما يأتي من الله هو خيرٌ له وإن كان ظاهره شراً، وهذا ما يسمّى "النعمة الباطنة".
- زيادة النعمة: من كرم الله تعالى أنّه يكافئ العبد على شكره النعمة، فيُديمها لصاحبها ويزيدُها له، وليحذرْ المسلم من نسيانِ الشكر؛ لأنه بذلك يعرّض نفسه للعذاب وزوال النعمة.
- اكتسابُ الأجر في الآخرة: لا تقتصرُ مكافأة الله لعبده الشكور على حدود الحياة الدنيا، إنما تجتازُها لينالَ الأجرَ والجزاء العظيمَ منه تعالى في الآخرة. فهو سبحانه القائل: (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) [آل عمران، الآية: 145]
- باب لرضا المولى سبحانه وتعالى عن عبده.
- سبب للنجاة من العذاب الذي قد يحلّ: لأنّ العبد الشكور ينجيه اللهُ -عزّ وجل- من العذاب كما ينجي المؤمن بسبب إيمانه.
وسائل تُعين على شكر النعمة
- التوجّه إلى الله سبحانه وتعالى بالعون على شكر نعمة وعدم نسيانها. وقد علّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- دعاءً يُستَحب الإكثار منه خاصّة في آخر الصلاة: ((اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)).
- كثرة التفكر في النعم التي يتقلّب العبد بها، وسيجدُ أنّه لا يمكنه إحصاؤها لكثرتِها، فهذا ينسيهِ همومَه من ناحية، ويجعله يشكر ربّه الذي غمره بمنّه وأفضاله.
- رؤية الناس الذين سٌلِبت منهم النعم: لأنّ ذلك ربّما يُشعِر العبد أنّه مَلَكَ الدنيا بحذافيرها ويذكّره بالنعم التي أَلِفها وأصبح يراها شيئاً عادياً، وهذا ما يستدعي حبّه لخالقه وكثرة ثنائه عليه.
- التذكّر بأن النعم التي بين أيدينا اليوم سنُسأل عنها يوم القيامة.
- تذكُّر ثواب الشكر على النعمة وما يحصل له بسببه من خير في الدنيا والآخرة.
- طاعة الله تعالى وامتثال أوامره: فذلك يزيد المولى رضاً عن عبده ويعينه على شكره.