محتويات
الحرف
الحرف أحد أقسام الكلمة، وهو ما دلّ على معنى مع كلمة غيره، ولا يدلّ على معنى وحده، مثل الحرفين مِن وإلى، فهما لا يدلّان على معنى إلّا إذا جاءا مع الكلام، مثل قول: خرجت من الساعة الواحدة إلى الثالثة، فهنا يدلّ الحرف مِن على ابتداء الغاية الزمانيّة، ويدلّ الحرف إلى على انتهائها، ولا معنى لهما وحدهما.[١]
أنواع الحروف
الحروف نوعان من حيث نوع الكلمات التي تدخل عليها، هما:[١]
- حروف مُختصَّة: هي الحروف التي تدخل على الأسماء فقط، مثل: حروف الجر، أو على الأفعال فقط، مثل: حروف النَّصب.
- حروف غير مُختصَّة: تدخل هذه الحروف على الأسماء والأفعال، مثل: هل الاستفهامية، كما في السُّؤالَين: هل أنت بخير؟ وهل عُدتم من الرحلة؟ ومثل: واو العطف أيضاً في جملة: عادت هبة ورشا، حيث عُطِف اسم على اسم، أمّا في جملة: لعبْنا واستمتعْنا؛ فقد عُطِف فعل على فعل.
حروف الجرّ
حروف الجرّ هي حروف مختصّة بالأسماء كما ذُكِر سابقاً، أمّا حروف الجرّ فهي: مِن، إلى، عن، على، في، الباء، الكاف، اللام، الواو، التاء، رُبّ، مُذ، مُنذ، خلا، عدا، حاشا. قد تُزاد (ما) بعد حروف الجرّ: من، عن، الباء، لتصبح: ممّا، عمّا، بِما، فلا تُؤثِّر في وظيفتها بالجرّ، ويبقى الاسم بعدها مجروراً، مثل: سنَحضُرُ عمّا قريبٍ.[٢]
علامات الجرّ
يُجَرُّ الاسم إذا سُبِق بأحد حروف جرٍّ، مثل كلمة الشركة في جملة: توجّهْتُ إلى الشركةِ،[٢] وتختلف علامات جرّ الأسماء بعد حروف الجرّ، وفيما يأتي توضيح لعلامات جرّها، وأمثلة إعرابيّة عليها:[٣]
- الكسرة الظاهرة: في حال كان الاسم المجرور مفرداً، أو جمع تكسير، أو جمعَ مؤنث سالماً، فإنّه يُجَرُّ بالكسرة، وأمثلة ذلك بالترتيب: أُعجِبتُ بالضيفِ، أُعجِبتُ بالضيوفِ، أُعجِبتُ بالضيفاتِ، وإعراب كلّ اسمٍ مجرور من هذه الأسماء: اسم مجرور بحرف الجرّ الباء، وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره.
- الكسرة المُقدَّرة: في حال كان الاسم المجرور معتلَّ الآخر؛ فإنّ الكسرة تُقَدَّر تقديراً، ويمنعُ من ظهورها التعذُّر؛ إن كان مُعتلّاً بالألف، والثِّقَلُ؛ إن كان مُعتلّاً بالياء، ومن أمثلة ذلك:
- أُعجِبتُ بالفتى، وإعراب الفتى: اسم مجرور بحرف الجرّ الباء، وعلامة جرّه الكسرة المُقدَّرة؛ منع من ظهورها التعذُّر.
- أُعجِبتُ بالقاضي، وإعراب القاضي: اسم مجرور بحرف الجرّ الباء، وعلامة جرّه الكسرة المُقدَّرة على الياء؛ منع من ظهورها الثقل.
- الياء: في حال كان الاسم المجرور اسماً من الأسماء الخمسة، أو جمعَ مُذكَّر سالماً، أو مثنّى، فإنّه يُجَرُّ بالياء، وأمثلة ذلك بالترتيب:
- سلّمتُ على أبي عمر، وإعراب أبي: اسم مجرور بحرف الجرّ على، وعلامة جره الياء؛ لأنّه من الأسماء الخمسة، وهو مضاف.
- سلّمْنا على الزائرِينَ، وإعراب الزائرين: اسم مجرور بحرف الجرّ على، وعلامة جرّه الياء؛ لأنّه جمع مُذكَّر سالم.
- سلّمتُ على الصديقَيْنِ، وإعراب الصديقين: اسم مجرور بحرف الجرّ على، وعلامة جرّه الياء؛ لأنّه مثنّى.
معاني حروف الجرّ
يُفيد كلّ حرف من حروف الجرّ معانيَ ودلالاتٍ تختلف باختلاف السياق الذي ورد فيه، بيانها فيما يأتي:[٤]
- تاء القسم وواو القسم: تفيدان القَسَم، مثل: واللهِ، تاللهِ لأعملنّ جهدي، الله: لفظ الجلالة مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
- إلى: تفيد انتهاء الغاية المكانيّة، مثل: مشَيْتُ من المنزل إلى بيتِ صديقي، أو انتهاء الغاية الزمانية، مثل: خرجْتُ من الصباحِ إلى العصرِ، وتأتي بمعنى مع، مثل: اجمع أوراقَك إلى كُتُبِك، وبمعنى عند، مثل: القراءة أحبُّ إليّ من اللعبِ.
- على: تعني الاستعلاء الحقيقيّ، مثل: الحقيبة على الطاولةِ، أو الاستعلاء المجازيّ، مثل: لك عليَّ دَيْنٌ، وتفيد التعليل، مثل: حزِنْتُ على ما أصابَك؛ أي لما أصابك، وتأتي بمعنى في، مثل: دخل المدينةَ على حينِ غفلةٍ، أو بمعنى مع، مثل: أحبَّهُ على أخطائِه؛ أي مع أخطائِه، أو بمعنى الاستدراك، مثل: خسرْتُ السباقَ على أنِّي غيرُ نادمٍ؛ أي لكنِّي غيرُ نادمٍ.
- رُبَّ: تَقعُ في صَدْر الكلام، ولا تَجرُّ إلا الاسم النّكرة،[٢] وتفيد التكثير أو التقليل، مثل القولين الشائعَين بالترتيب: رُبَّ رميةٍ من غيرِ رامٍ، ورُبَّ أخٍ لك لم تلِدْهُ أمُّك، كما تدخل على نكرة مَوصوفة؛ سواءً محذوفة أم ظاهرة، مثلاً: رُبَّ رميةٍ صائبةٍ من غيرِ رامٍ، وقد تدخل على اسم معرفة لفظاً، نكرة بالمعنى، مثل: رُبَّ مُسيئِنا تائبٌ، بمعنى كم من مُسيءٍ لنا ثمّ تاب، وقد تدخل رُبَّ على الضمير المُفرَد المُذكَّر المُميَّز بما يُفسِّره، مثل: رُبَّه رجلٍ استعان بي فشكرَني، وهي قليلة الاستخدام، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ رُبَّ تُحذَف بعد الواو، أو الفاء، أو بل، ولكنّها تبقى عاملةً أي جارّةً، مثل قول امرئ القيس الذي تقدير الكلام فيه: ورُبَّ ليلٍ:[٤]
- وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله
- عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
- الباء: من معانيها أنّها تفيد معنى الإلصاق الحقيقيّ، مثل: أمسكَت الأمُّ بيد ابنها، أو معنى الإلصاق المجازيّ -غير الحقيقيّ- مثل: مرَرْنا بالسوق، وتفيد السببيّة والتعليل، مثل: نجحْتُ بإرادتي؛ أي نجحت بسبب إرادتي، وتفيد الاستعانة، مثل: كتبْتُ بالقلم؛ أي استعنت بالقلم للكتابة، والتعدية، مثل: خرجْتُ بزيدٍ؛ أي أخرجْتُ زيداً، فهي تُحوِّل الفاعل إلى مفعول به، وتفيد العِوض أو البدل، مثل: أعطني الدفترَ بدينار، واستبدلْتُ الحقيبةَ باللعبة؛ أي تركْتُ اللعبةَ وأخذْتُ الحقيبةَ، فالمَتروك هو ما أُلصِقَت الباءُ به، وتفيد أيضاً الظرفيّة المكانيّة والزمانيّة، مثل: مشيتُ بالسوق بالنهار، والمُصاحَبة أي بمعنى مع، مثل: بالسلامة؛ أي مع السلامة، والقَسَم، مثل: بالله سأرحل؛ أي أقسم بالله سأرحل.[٥]
- مِن: تفيد ابتداء الغاية المكانيّة، مثل: مشَيْتُ من المنزل إلى بيتِ صديقي، أو ابتداء الغاية الزمانية، مثل: خرجْتُ من الصباحِ إلى العصرِ، ومن معانيها أيضاً التبعيض؛ أي بمعنى بعض، مثل: نجح من الطلابِ واحدٌ، وتفيدُ أيضاً بيان الجنس لما قبلها، مثل: أحضِر ما عندك مِن قصص، وتفيد البدليّة، مثل: لا يُغني الفشل من المحاولةِ شيئاً، وتفيد التعليل، مثل: من صِدْقِكَ نجَوْتَ، أي بسبب صِدْقِك، وقد تأتي مِن زائدةً إذا أُريدَ بها العموم والتأكيد، مثل: ما زارنا مِن أحدٍ، وإعراب كلمة أحدٍ: اسم مجرور لفظاً، مرفوع محلّاً.[٢]
- وتنبغي الإشارة هنا إلى أنّ حرف الجرّ الباء قد يأتي أحياناً للزيادة؛ أي يجوز حَذفُه ولا معنى له، كقول: لستَ بمُستمِعٍ، فمُستمِع خبر ليس منصوب، منع من ظهور الفتحة الاشتغال بحركة حرف الجرّ الزائد، وأغلب زيادتها تكون مع الخبر المنفيّ، مثل: لستُ بخارجٍ الآن، ومع فاعل كفى، مثل: كفى بالله رقيباً، وتُعرَب (خارجٍ) على سبيل المثال: الباء حرف جرّ زائد، خارج: خبر ليس مجرور لفظاً مرفوع مَحلّاً، وعلامة رفعه الضمة المُقدَّرة؛ منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة حرف الجرّ،[٥] وأغلب زيادة حرف الباء جاء سماعيّاً مع أفعال، مثل: علمْتُ بالأمر، وسمعْتُ بالخبر، وأحسسْتُ بالشيء، وألقيْتُ بالكرة، ومدَّ بيده، وجَهِلَ بالأمر، وأرادَ بالأمر، وناهيكَ بزيدٍ ظالماً، وبعد إذا الفجائيّة، مثل: وصلتُ وإذا بالمدير قد وصل، وبعد كيف، مثل: كيف بكم إنْ حُوسِبتُم؟ وتُزاد الباء قبل حسْب، مثل: بحسْبي أنّك معي؛ أي يكفيني أنّك معي.[٤]
- الكاف: تفيد التشبيه، نحو: البنت كالقمر في جمالها، وتأتي قليلاً بمعنى على، مثل: ابقَ كما عرفْتُك؛ أي على ما عرفْتُك عليه، وبمعنى التعليل، نحو: اشكروا اللهَ كما أنعمَ عليكم؛ أي بسبب ما أنعمَ عليكم، وتفيد الزيادة أيضاً، نحو: ليس كمثلِه أحد.[٢]
- إذا زِيدَت ما بعد حرفَي الجرّ (رُبّ والكاف) فإنّها تكفُّهما عن العمل، وتُزيلُ اختصاصَهما بالأسماء؛ إذ قليلاً ما تدخل على الاسم فتجرّه، وإنّ أغلب ما تدخل به ربّما وكما هو على الأفعال الماضية، أو التي سيتحقّق وقوعها، مثل: ربّما نفعَت المحاولة، والعبوا كما يحلو لكم.[٤]
- اللام: تأتي بمعنى الاختصاص، نحو: الحمد لله، والملكيّة أو شبه الملكيّة، نحو: الكتاب لأحمد، الطريق للسيارات، والتعليل، نحو: سافرتُ للمتعة، وانتهاء الغاية المكانيّة أو الزمانية، نحو: سافرتُ للعراق، وبقيت هناك لخمسة أيام، وتأتي بمعنى الصيرورة، نحو: تغيَّرَ الرّمل لطين؛ أي صار طيناً، وبمعنى الظرفيّة الزمانيّة، نحو: اتركوا الأمر لوقته المناسب؛ أي عند أو حين وقته، وتأتي أيضاً بمعنى الاستغاثة، نحو: يا للمساكين! وللتعجب، نحو: يا للروعة! وتأتي زائدة للتأكيد، مثل: أعطيتُ للعامل مكافأةً، وبمعنى بعد، مثل قول الله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ).[٦][٢][٤]
- عن: تفيد المجاوزة، مثل: ابتعدتُ عن المكان؛ أي تجاوزتُه، وتأتي بمعنى بعد، مثل: سنخرج عمّا قليل؛ أي بعد قليل، وبمعنى البدل، مثل: احمل عني؛ أي بدلاً مني، وتأتي بمعنى مِن أيضاً، كما في قول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ).[٧][٢]
- في: تفيد الظرفيّة الحقيقيّة المكانية أو الزمانية، مثل: سهرتُ في البيت في العيد، أو المجازيّة، مثل قول الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)،[٨] وتفيد التعليل، مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (دخَلَتِ امرأةٌ النَّارَ في هرَّةٍ)؛[٩] أي بسبب هرّة، وتفيد المُقابَلة، مثل: حصلنا على مكافأة فيما بذلْنا من جهد؛ أي مقابل ما بذلْنا، وتفيد المُصاحَبة، مثل قول الله تعالى: (قالَ ادخُلوا في أُمَمٍ قَد خَلَت مِن قَبلِكُم).[١٠][٢]
- مُذْ ومُنذُ: تفيدان ابتداء الغاية الزمانيّة إن كان الزمن ماضياً، مثل: لم أرَكَ مذ يومين، وتكونان بمعنى (في) إن كان الزمان حاضراً، مثل: لم أكلمك منذ يومي هذا، وتأتيان بعد فعل ماضٍ منفيّ وتدلّان على زمن ماضٍ أو حاضر، وتُعَدَّان اسمين؛ إذا وقعت بعدهما جملة اسميّة أو فعليّة، مثل: عرفتك مُذ كنتَ طفلاً، وإعرابهما: ظرف زمان مبنيّ في محل نصب، وتُعرَب الجملة بعدهما في محل جرّ مضاف إليه.[٢][٤]
- حتّى: تفيد انتهاء الغاية الزمانيّة أو المكانيّة، مثل: جلسْنا حتى المساء، صعدْتُ حتى القمّة.[٢]
- عدا، خلا، وحاشا: تفيد الاستثناء، كقول: حضر الجميع عدا واحدٍ، ومن الجدير بالذكر هنا أنّ هذه الحروف تُعَدُّ أيضاً أفعالاً إذا جاء بعدها منصوب، ويكون فاعلها ضميراً مُستتِراً، كما في المثال الآتي: حضرَ الجميعُ عدا واحداً، فكلمة (واحداً) هنا تُعرَبُ مفعولاً به، وليست اسماً مجروراً، أمّا إذا سُبِقَت بما مثل: حضرَ الجميعُ ما عدا واحدٍ؛ فتكون أفعالاً فقط.[٢]
- لولا: هو حرف امتناع لوجود، وشرطه ليكون حرفاً جارّاً أن يأتي بعده ضمير، مثل: لولاها لما نجحنا، والهاء ضمير مُتّصِل مبنيٌّ على الضمّ في محلّ جرٍّ بحرف الجرّ.[٢]
فيديو حروف الجر
لمعرفة المزيد عن حروف الجرّ ومعانيها، شاهد الفيديو الآتي:[١١]
المراجع
- ^ أ ب د. محمد السامرائي (2014)، النحو العربي، أحكام ومعان (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن كثير، صفحة: 18-19، جزء الأول. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س د. محمود مغالسة، النحو الشافي، لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة: 351-357. بتصرّف.
- ↑ د. محمود مغالسة، النحو الشافي، لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة: 28، 32، 47. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح سعيد الأفغاني (2003)، الموجز في قواعد اللغة العربية، لبنان: دار الفكر، صفحة 330-337. بتصرّف.
- ^ أ ب محمود صافي (1418)، الجدول في إعراب القرآن الكريم (الطبعة الرابعة)، بيروت: مؤسسة الإسمان، صفحة 197، جزء الخامس. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ سورة الشورى، آية: 25.
- ↑ سورة البقرة، آية: 179.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3318، صحيح.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 38.
- ↑ فيديو: حروف الجر.