حرب الثلاثين عاماً

كتابة - آخر تحديث: ١٦:٣٤ ، ٢٢ يونيو ٢٠١٧
حرب الثلاثين عاماً

حرب الثلاثين عاماً

هي حرب قامت بين عامي 1618م و1648م، وحدثت وقائعها في أراضي ألمانيا بسبب صراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت، إلا أنّ التنافس بين أسرة هابسبورج والقوى المركزية الأخرى في أوروبا على حكم الدول الأوروبية كان المحرك الأساسي لفتنة هذه الحرب، بالإضافة إلى نظرة البعض في فرنسا الكاثوليكية، حيث ساندوا الجانب البروتستانتي في الحرب ضدها؛ ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هناك العديد من القوى الأوروبيّة التي تدخّلت في هذه الحرب، وفي هذا المقال سنعرفكم عليها.


الأحوال في أوروبا قبل الحرب

وُقّع سلام أوكسبورك في سنة 1555م، حيث أكّد على نتيجة اجتماع شيير الأول، وإنهاء العنف القائم بين اللوثريين والكاثوليك في ألمانيا، كما نصّ على بعض بنود السلام، وهي:

  • يحق لأمراء الألمان اختيار الديانة التي يريدون اتباعها في إماراتهم تبعاً لرغبة كل منهم.
  • يحق لكل لوثري بأن يبقى لوثرياً في أيّ منطقة تقع تحت حكم أسقف.
  • يحق للوثرين الاحتفاظ بالأراضي التي انتزعوها من الكنيسة الكاثوليكية منذ توقيع المعاهدة في عام 1552م.
  • يحق لكلّ أسقف كاثوليكي كان يحكم منطقة ما وتحولت للوثرية أن يرجعها للكاثوليكية.


الثورة البوهيمية

كان الإمبراطور الروماني بلا أحفاد أو أبناء، لذلك أراد التأكد من انتقال الملك بعده إلى وريثه الشرعي فرديناند الستيرياوي، وهو كاثوليكي متعصب، حيث تولى حكم الإمبراطورية الرومانية فيما بعد، فقام ماتياس بتعيينه والياً له على إقليمي المجر وبوهيميا، الأمر الذي دفع قيادات المذهب البروتسنتي في كلّ من إقليم المجر وبوهيميا إلى الخوف من فقدان حقوقهم الدينية التي منحها لهم الإمبراطور رودولف الثاني، وعندما قام مرشح الملك بإرسال ممثلين اثنين له إلى قلعة هارادشاني في پراك من أجل تولي حكم بوهيميا في حال غيابه قام جماعة من الكلفنيين بإلقاء القبض عليهما، ومحاكمتهما محاكمة زائفة، حيث ألقوا بهما من نافذة القلعة التي تعلو 50 قدماً عن سطح الأرض، إلا أنّهما لم يموتا، حيث أصيبا بإصابات قوية، الأمر الذي أدّى إلى اشتعال الثورة البوهيمية في براغ، ممّا أدى لنشوب العديد من الثورات في مختلف أنحاء بوهيميا، ولوساتيا، وسيليزيا، ومورافيا، ثمّ انتشرت الحرب الأهلية في الكثير من مناطق أوروبا الغربية، فضعف الإمبراطور فرديناند خليفة ماتياس، والبوهيميين الثائرين، ممّا أدّى إلى انتشار الحرب ووصولها إلى غربي ألمانيا، فزاد الوضع سوءاً.


نتائح هزيمة البوهيميين

أدّت هزيمة البوهيميين في معركة الجبل الأبيض إلى حلّ العصبة البروتستانتية، وخسارة فريدريك الخامس لأملاكه التي منحت لنبلاء كاثوليكيين، فذهب لقب حاكم البلاتين إلى ابن عمه البعيد ماكسميليان دوق بافاريا، فحاول فريدريك إقامة علاقات مع كل من: الدنمارك، وهولندا، والسويد، فوقع كابرييل بثلين من ترانسلفانيا معاهدة سلام نيكولزبرك مع الإمبراطور الروماني في 31 ديسمبر سنة 1621م، وظلّ من القوات البروتستانتية ما كان تحت قيادة مانسفيلد، وكرستيان من برونزويك، واللذين توجها نحو هولندا، وساعدوا في فك حصار بركن أوب زوم، إلا أنّ الهولنديين لم يستطعوا أن يبقوهما في أراضيهم خوفاً من خسارتهما، وملاحقتهما فيها، فمُنح القائدان مالاً، وأرسلا لاحتلال أرض مجاورة لهولندا لتصبح تحت ملكهما، فاتجه مانسفيلد إلى تلك الأراضي وبقي فيها، بينما توجه كرستيان إلى ساكسونيا السفلى لمساعدة قريبه الذي طلب مساعدته، فخاف أفراد جيش كرستيان على أنفسهم من التوغل في الأراضي الألمانية، وعادوا إلى هولندا.


معركة شتاتلون

واجهت قوات الجنرال تيلي قوات كرستيان في معركة عرفت باسم معركة شتاتلون في 6 أغسطس 1623م، وأوقعت بها هزيمة ذريعة أدّت إلى قتل أربعة أخماس الجيش، فبعد سماع هذه الأخبار أُجبر فريدريك من صهره ومستضيفه في منفاه على ترك المحاولات للرجوع إلى بوهيميا والبلاتين، وبالتالي انتهت الحقبة الأولى من حرب الثلاثين عاماً بهزيمة كرستيان، واستقرار مانسفيلد، وتوقّف فريدريك الخامس عن التفكير في العودة، فحلّ الهدوء والسلام على الإمبراطورية الرومانية، إلا أنّ التدخل الدنماركي بدأ في سنة 1625م.


التدخل الدنماركي

بدأ التدخل الدنماركي عندما قام كرستيان الخامس ملك الدنمارك بإرسال جيش لمحاربة الإمبراطورية الرومانية دعماً للوثريين في شمال ألمانيا، فتمّ تعيين كرستيان الخامس مسؤولاً لجيشه في ساكسونيا السفلى، حيث زاد عدد جنوده إلى 20000 ألف مقاتل في تلك المناطق، كما ازداد نفوذ كرستيان في مناطق شمال ألمانيا، الأمر الذي دفع الإمبراطورية الرومانية المقدسة للتفكير بوضع حدّ للدنماركيين، ومنع توغلهم في أراضي أوروبا، فطلب فرديناند الثاني مساعدة عسكرية من أحد نبلاء بوهيميا، وهو ألبرشت فان ڤالنشتاين، فوافق على مساعدته بشرط أن تمنح الأراضي الجديدة المحتلة له.


توجهت قوات فالنشتاين مع قوات الجنرال تيلي إلى مواجهة قوات الملك كريستيان الدنماركي، الأمر الذي أجبره على الانسجاب، ثم وقعت معركة جسر ديساو في عام 1626م بين قوالت فالشتاين وقوات مانسفيلد البروتسنتي، فهزمت قوات مانسفيلد البروتسنتي، حيث خسر أكثر من نصف جنوده، ثم توفي بعدها بعدة أشهر، كما هزمت قوات الجنرال تيلي الدنماركيين في معركة لوتر سنة 1626م، ثم تحركت قوات فالنشتاين شمالاً باتجاه مناطق الدنماركيين، فاحتلت مكلينبيرج، وبومرانيا، حتى وصلت إلى شبه الجزيرة الدنماركية وسيطرت عليها، ثم اتجه فالدشتين إلى السواحل الألمانية المطلة على البلطيق حيث مدينة شترالسوند الواقعة في أقصى شمال شرق ألمانيا، مما أدى لتوصل الأطراف المتنازعة إلى اتفاقية لوبك سنة 1629م، والتي نصت على استرجاع الملك كرستيان الخامس للأراضي الدنماركية مقابل تخليه عن نصرة البروتستانت في الأراضي الألمانية، بالإضافة لتوقّفه عن التدخل في شؤون تلك الأراضي، فازداد نفوذ الكاثوليك في مناطق الشمال الألماني.


التدخل السويدي

قرر ملك السويد غوستافوس أدولفوس في عام 1630م التدخل في الحرب، وأمر جنوده بالاستعداد للتحرك، فنزل على شاطئ ألمانيا الشمالي، لينقذ البروتستانت، علماً أنه كان أكثر قوّة من الملك الدنماركي، كما كان يسعى للسيطرة على الرابطة الهانسية، ولتحويل البلطيق لبحيرة سويدية، فتمكّن من تجهيز جيشه على الرغم من فقر بلده، ثم أصبحت القوة في يد غوستاف أدولف الذي غيّر مسار الحرب، حيث شن حملة على مدينة ماغدبورغ عندما احتلتها الإمبراطوريون، فأحرقت ونهبت، ثمّ انتصر غوستاف لاحقاً في معركة برايتنفلد في 17 سبتمبر سنة 1631م، وفي معركة لوتزن في 16 نوفمبر 1632م حيث توفي فيها برصاصة من الخلف، فبدأت المفاوضات فيما بينهم، ممّا دفع الأسبان للتدخّل، بهدف توحيد ألمانيا.


التدخلات اللاحقة

تحرّكت إسبانيا خلال الفترة بين سنة 1635م وسنة 1645م، فضربت البروتستانت، وهزمتهم في معركة نوردلينغن في 5 سبتمبر سنة 1634م، وبعد موت فالنشتناين وغوستاف أدولف أصبحت السويد قوّة في ألمانيا على يد جنرالاتها بعد أن تولّت كرستينا ابنة غوستاف أدولف الحكم بعد وفاة والدها عندما كانت في السادسة من العمر، فانتصروا في عام 1642م في معركة لايبزيغ الثانية، وهددت بوهيميا والنمسا مركز أسرة هابسبورغ.


أصبحت الانتصارات سويدية أكثر منها بروتستانتية، ممّا أدّى لخوف كريستيان الرابع ملك الدنمارك من السويد، فأعلن الحرب عليهم، إلا أنّه هزم، فتمّ غزو أراضيه مجدداً، وأخذت منها يامتلاند، وهالاند، وجزيرتي أوسل قرب إستونيا وغوتلاند، الأمر الذي دفع الدنمارك لترك الحرب، فقررت فرنسا التدخل، فعبرت قواتهم الراين لتشترك في النزاع، وتلاحمت مع الجيوش الأسبانية في روكروا في سنة 1643م، ثم حدث اصطدام بين الإمبراطوريين والبروتستانت في معركة يانكوف في بوهيميا يوم 5 مارس سنة 1645م، فكان النصر فيها للبروتستانت، ثم تمّ إعلان اتفاقية سلام منفردة بين الدنمارك والسويد في سنة 1645م وتدعى باسم اتفاقية برومسبرو، ثمّ توفي كرستيان ملك الدنمارك بعد ثلاث سنوات منها، وفي ذات السنة تم إعلان صلح وستفاليا، وبالتالي انتهت الحرب بهزيمة هابسبورغ وانتصار السويديين والفرنسيين.

1,527 مشاهدة