الريف والتنمية الريفية
يطلق عليها كذلك إسم التنمية الريفية. يصعب وضع تعريف لهذا الصنف من التنمية، وذلك بسبب اختلاف آراء الجغرافيين والمهتمين حول تعريفها
التنمية القروية مفهوم مركب و معقد، لا يشمل جانبا واحدا أو مجالا اقتصاديا محضا. بل إنه يشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمجالية. بمعنى أنها تعني تحسين ظروف عيش السكان وتطوير مهاراتهم التقنية و المعرفية، وتحسين وضعيتهم الاجتماعية (التعليم والصحة)، إضافة إلى تمكينهم من الاستغلال المعقلن للثروات الطبيعية المحلية. مع ضرورة تثمينها، وضمان استدامتها للأجيال اللاحقة،مما يجعل التنمية القروية تختلف في أهدافها وأبعادها عن مختلف أنواع التنمية الأخرى خاصة التنمية الفلاحية، إلا أنهما ترتبطان بعلاقة جدلية. فلا يمكن تحقيق التنمية القروية بدون وجود التنمية الفلاحية .
ورغم ذلك تبقى التنمية القروية أساس التنمية بالأرياف، لأنها ترتكز على مقاربة مجالية شمولية تعالج قضايا المجتمع والاقتصاد القرويين. وتعني التنمية القروية كذلك التحسين الكيفي و النوعي للأنشطة الاقتصادية الممارسة في المجال الريفي، مع ضمان استدامتها ، كما أنها لا تعني مجرد تصنيع لمنطقة قروية أو إقامة أنشطة اقتصادية بها، بل إنها ظاهرة متشابكة، تعمل على تنمية الموارد المحلية، و محاربة الفقر القروي وكل المشاكل التي يتخبط فيها العالم القروي. لقد تبين لنا صعوبة إعطاء تعريف قار وموحد للتنمية الريفية نظرا لشساعته.
ورغم ذلك فإنه يمكن تعريف التنمية الريفية كالتالي: تشكل التنمية القروية مسلسلا شموليا، مركبا ومستمرا يستوعب جميع التحولات الهيكلية التي يعرفها العالم القروي، ويترجم هذا المسلسل من خلال تطور مستوى نتائج النشاط الفلاحي، واستغلال الموارد الطبيعية و البشرية وتنويع الأسس الاقتصادية للساكنة القروية وتحسين ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، تعمل على الرفع من جاذبية الحياة و العمل في الأرياف سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني أو الدولي. يبدو أن هذا التعريف شامل، إلا أنه لا يعتبر التعريف الوحيد في هذا الإطار، بل هناك تعار يف أخرى نذكر منها: - يعرف G V Fuguitt" " التنمية القروية على أنها ذلك المفهوم الذي يتضمن بذل الجهود لمساعدة فقراء الزراع إضافة إلى العاملين بميدان الزراعة التسويقية. هذا التعريف يتعلق بجانب واحد يتمثل في تقديم مساعدات مادية للأسر الريفية.
يرى آخرون أن مفهوم التنمية الريفية يتجاوز النهوض بالقطاع الفلاحي ليشمل قطاعات اقتصادية لها صلة بالزراعة. بل إنه في رأي البعض يتضمن تنمية الإنسان والموارد الطبيعية في آن واحد. ومن ثمة تحقيق الرفاه و العدل الاجتماعي للسكان القرويين. يتضح من خلال ما سلف أن التنمية القروية يجب أن ترتكز على ما يلي: أن تقبل مشاركة السكان القرويون في جميع مراحل المشاريع التنموية. أن تقبل الإتفاق الجماعي بين السكان ومخططو البرامج التنموية وتستند التنمية الريفية في تنفيذ برامجها على أساليب وغايات تتجلى فيما يلي:
يجب أن تتسم البنية التقنية و الأطر المخططة لبرامجها بالمرونة لأنه من شأنها خلق مزايا، كتغليب الطابع الإنساني في العلاقات بين الإدارات و المؤسسات العاملة في ميدان التنمية والنهوض بمشاكل السكان مع تحديد شبكة الأولويات في المطالب . وإنعاش دور منظمات المجتمع المدني و الجمعيات المهنية الناشطة بالمجال الريفي.
ما تتميز التنمية القروية بعدة خصائص، وتطمح إلى تحقيق عدة أهداف :
خصائص التنمية القروية
تستهدف برامج التنمية الريفية بصفة أساسية سكان الأرياف، والتسليم بأهمية المبادرات المحلية و تعظيم الموارد المتاحة، تسعى إلى تحقيق الرخاء الاقتصادي و الاجتماعي الريفيين، اعتمادا على مبدأ التوجيه والإرشاد للجميع. وإن الدراسات وعمليات التنمية يجب أن تقاد بتنسيق مع المستفيدين والمتدخلين، و يجب أن تؤدي إلى تقييم نقدي وتغيير الإتجاهات عند الضرورة . وتنادي التنمية الريفية بمشاركة السكان و إحقاق الحق ونشر العدل الاجتماعي، مع التخيير الواضح للفئات الأقل قدرة في المجتمع القروي. وتتسم التنمية الريفية بالشمول، كما تعتمد على أسلوب لامركزية القرار، أي أن القرارات تتخذ محليا و يشارك فيها جميع أفراد المجتمع القروي المعنيين ببرامجها. والتنمية الريفية قضية جميع المعنيين بها أي الفلاحين و المنتخبين و متخذي القرار السياسي و السكان المحليين.