الأسلحة النووية
تستخدم في الحروب العالمية والدولية أسلحة فتاكة تترك أثراً مدمراً في المكان التي تسقط به، ومن هذه الأسلحة السلاح النووي الذي يعتمد في قوته المدمرة على إحدى عمليات الانشطار أو الاندماج النووي.
يعّد هذا النوع من الأسلحة الأكثر تأثيراً على موقع سقوطها، إذ يشار إلى أن قنبلة نووية صغيرة الحجم بإمكانها ترك أثر مدمر في مدينة كاملة، لذلك تصنف القنابل النووية من أسلحة الدمار الشامل، ودولياً يخضع هذا النوع من الأسلحة لعدد من الضوابط الدولية التي توصف بأنها حرجة.
هذا و يستذكر التاريخ الحدث الأكثر تأثيراً باستخدام الأسلحة والقبائل الذرية والنووية، حيث شهد التاريخ خلال الحرب العالمية الثانية استخدام القنبلة الذرية من قبل الولايات المتحدة ضد اليابان عندما أسقطتها في نهايات الحرب على مدينتي هيروشيما وناجازاكي.
كانت النتيجة فقدان 120 ألف شخص للحياة، حيث بقي أثر هذه القنابل مستمراً لعدة سنوات إذ توفي أضعاف الرقم السابق إثر متلازمة الإشعاع الحادة. إن القنبلة الأقوى في العالم لم تكن تلك المستخدمة ضد هيروشيما وناجازاكي، بل هي قنبلة القيصر والتي كانت قد استخدمت للمرة الأولى في سنة 1961م.
أقوى قنبلة في العالم
تعتبر قنبلة القيصر هي القنبلة الأقوى في العالم، وتسمى أيضاً بقنبلة إيفان الكبير، وتطلق عليها هذه المسميات في الغرب، وتعد هذه القنبلة من القنابل الهيدروجينية التي تدخل في ثلاث مراحل من حيث الاستخدام، إذ تبدأ المرحلة الأولى بتفجير قنبلة نووية عادية بهدف إنتاج حرارة عالية تصل إلى ملايين الدرجات والتي تحتاج إليها عملية الاندماج النووي لنظائر الهيدروجين.
أما باقي المراحل فتكون قد تولدّت الحرارة العالية وأصبحت جاهزة لإنتاج القوة التدميرية الضخمة، وهنا ننوّه إلى أن هذه القوة الهائلة تقاس بالميغاطن، وفيزيائياً فإن كل 1 ميغاطن يساوي مليون طن من المادة شديدة الانفجار وهي TNT.
تترك هذه القنبلة القوية كميات ضخمة من الغبار الذي يعّج بها المكان بعد انفجار القنبلة، ويكون له أثر سلبي على البيئة والصحة العامة، لذلك لجأ العلماء السوفييّت إلى تقليص القوة التي تمتلكها القنبلة إلى النصف تقريباً حيت تراجعت من 100 ميغاطن إلى 57 ميغاطن وذلك سعياً للتخفيف من حدة وخطورة الانبعاثات التي تخلفها وراءها، كما تمت إضافة عدد من نظائر الرصاص كبديل لمادة اليورانيوم 235، وتعتبر هذه القنبلة بأنها الأنظف بالرغم من أنها أقوى قنبلة في العالم ويعود السبب في ذلك إلى النجاح الذي حققه العلماء في تخفيض كميات الغبار الذري الذي تخلفه وراءها بعد الانفجار.
الحجم
تزن هذه القنبلة المدمرة ما يقارب 27 طناً، ويمتد طولها إلى 8 أمتار تقريباً، ويصل طول قطرها إلى مترين، وتم حملها عند إطلاقها لأول مرة على متن قاصفة عملاقة ذات أصول روسية من نوع توبولوف Tu-95V، وكان حجمها يفوق ضعفي قدرة القاصفة الروسية من الحمولة.
حتى تتمكن تلك القاصفة من حملها لجأ العلماء إلى رفع الفوهات الخاصة بإلقاء القنابل، ثم تعليقها فوق الهيكل مباشرة، وبالرغم من ذلك إلا أن الجزء الأكبر حافظ على موقعه خارج الطائرة الحاملة، وتزن المظلة التي تم تزويد القنبلة بها نحو طن تقريباً ويعزى السبب في ذلك لمحاولة تخفيف سرعة هبوط القنبلة حتى تتمكن الطائرة القاصفة بالابتعاد عن موقع القصف خمسة وأربعين كيلومتراً على الأقل.
الإطلاق
في تمام الساعة 11:30 صباحاً من اليوم 30 من شهر أكتوبر عام 1961م أُسقطت قنبلة القيصر المحملة على متن القاصفة السوفيتية، وكانت ترافقها في رحلة القصف الجوي طائرة من طراز Tu-16 وظيفتها رصد وتصوير الأثر المدمر ولحظة التفجير التي ستطرأ على إحدى جزر المحيط المتجمد الشمالي وهي جزيرة Novaya Zemlya، وكان قد تم طلاء الطائرتين بطلاء من نوع خاص يحمل اللون الأبيض يوفر الحماية الكاملة للطائرتين من الآثار التي تتركها عملية الانفجار من حرارة وإشعاعات.
تزامن مع لحظة انطلاق القنبلة الفتاكة هبوط مظلة ترتبط بها، وبقيت ترافقها لمدة لم تتجاوز 188 ثانية، وعند بلوغها الارتفاع 4000 متر عن سطح الأرض أفلتت، ويعتبر هذا الارتفاع نقطة تم تحديدها مسبقاً لتنفجر القنبلة بها، وفي هذه اللحظات كانت الطائرات المطلقة للقنبلة قد ابتعدت مسافة قدرت بخمسة وأربعين كيلومتراً.
تصاعدت السحب الغبارية الذرية في السماء إلى نحو 64 كيلومتراً، وانتشرت بعرض وصل نحو 40 كيلومتراً، وتعرض جوف الأرض تحت المنطقة المستهدفة للذوبان، وأصبحت الصخور التي تغطي المكان عبارة عن رماد، أما باقي سطح المنطقة فأصبح مجرد زجاج.