محتويات
مدائن صالح
إنّ مدائن صالح هي إحدى المواقع الأثرية الموغلة في القدم، وتقع شمال غرب المملكة العربية السعودية، في محافظة العُلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة، وعُرفت في الماضي بمدينة الحِجْر، وكانت مدائن صالح موطناً لقوم ثمود على الأرجح، وورد اسم الحجر في القرآن الكريم، في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آَمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الحجر: 80 - 84].
الآثار في مدائن صالح
ظلت مظاهر الحياة قائمةً في مدائن صالح حتى القرن الرابع الميلادي، حيثُ كانت عاصمة مملكة لحيان، وهي جزء من مملكة الأنباط أيضاً، وهي ثاني أكبر مدنهم بعد البتراء في الأردن، ومن آثار المدينة المُتبقية إلى اليوم مئةً وثلاث وخمسين واجهةً منحوتةً في الصخر، ومجموعةً من القلاع الإسلامية، وآثار لخط سكة حديد الحجاز، ومحطة السكة، بالإضافة إلى القاطرات، وقد أُدرجت مدائن صالح على لائحة التراث العالمي، في العام 2008م.
موقع وجغرافية مدائن صالح
تقع مدائن صالح على بعد 22كم شمال شرق مدينة العلا، فيما تفصلها مسافة 400كم عن شمال غرب المدينة المنورة، و500كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة البتراء افي الأردن، ويقع الموقع الأثري ضمن منطقةٍ سهلية، بالقرب من سفح هضبة بازلتية، التي تُعد الجزء الجنوبي الشرقي من جبال الحجاز، وفي القسم الغربي والشمالي الغربي للموقع توجد المياه الجوفية التي قد يصل عمقها إلى عشرين متراً، وتُعتبر المنطقة صخريةً بامتياز، إذ تنتشر فيها الأشكال الصخرية المحاطة بالكثبان الرملية، والمتعدّدة الألوان كالأحمر، والأصفر، والأبيض.
تاريخ مدائن صالح
النشأة
تعود نشأة مدائن صالح أو الحجر إلى مملكة ديدان، التي كانت تتبع مملكة معين من القرن الخامس قبل الميلاد، حتى أوائل القرن الأول قبل الميلاد، وفي هذه الفترة تم إنشاء مدينة الحِجْر، وبعض مناطق الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية، وقد سكن اللحيانيون الذين يُعتقد أنهم فرعٌ من قوم ثمود مملكة ديدان حينها، وعندما تزعزت دولة معين في اليمن، سيطر اللحيانيون على المملكة، وأسموها على اسمهم.
حكم الأنباط
جاء الأنباط إلى مدائن صالح في القرن الأول قبل الميلاد، حيثُ عهد الحارث الرابع، الذي اتخذ من المدينة عاصمةً ثانيةً للأنباط، بعد البتراء، وقد تميّزت الحجر بحفظها لمظاهر العمارة النبطية الواضحة على الصخور، والواجهات المنحوتة، ناهيك عن اهتمامهم بالمياه؛ فحفروا الآبار، وأقاموا خزانات لتجميع مياه الأمطار في الصخور، واهتموا كذلك بزراعة الواحات، ونحت أماكن العبادة في الصخر، وتطوّرت مدينة الحجر كثيراً في عهد الأنباط، حيثُ كانت مركزاً حيوياً لطرق القوافل القديمة، ما جعلهم يتحكمون في التجارة والقوافل ويحتكرونها أيضاً، وبقي الوضع كذلك حتى شعر الرومان بالتهديد، فأعلنوا الحرب على مملكة الأنباط، ولحقت بهم الهزيمة في الحجر عام 106م، لكن الرومان لم يسكنوا المدينة، التي هُجرت فترةً طويلةً من الزمن، قبل أن يتم ضمها للإمبراطورية الرومانية في ذات العام، وهي وسائر مملكة الأنباط، لكن الرومان تخلوا عنها لاحقاً، وفي الفترة المتراوحة بين انتهاء سيطرة الرومان على مدائن صالح، وفي فترة قدوم الإسلام لم يكن تاريخها معروفاً.
العصر الحديث
استخدم سكان تيماء مدائن صالح في القرن التاسع عشر ميلادي كمصدرٍ للمياه، كما بنى فيها الأتراك محطةً للسكة الحديدية، ومع نهاية العقد السادس وبداية العقد السابع من القرن العشرين، بدأت الحكومة السعودية بسلسلةٍ من الإجراءات لتحسين أوضاع البدو، الذين ازداد عددهم في المنطقة، بالتزامن مع برامج الإصلاح الحكومية، المتعلقة بتنشيط الزراعة وترميم آبار المياه رغم صدور فتوى سعودية تُحرم دخول المسلمين مدائن صالح، بحكم أنها كانت مسكناً لقوم الغابرين، لكن في العام 2012م، دعت وزارة السياحة السعودية إلى زيارتها وتنشيط السياحة إليها.