اتقوا الله ما استطعتم
يقول الله تعالى في كتابه المحكم : { يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم (14) إنما أموالكم واولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم (15) فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وانفقوا خير لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (16) } سورة التغابن .
وتقوى الله هي تقوى القلوب ، وقد جعل الله للمتقين جنات عرضها السماوات والأرض ، والتقوى سبب من أسباب تفريج الهم والكرب وزيادة الرزق ، فمن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، وكان من دعاء الصالحين أن يرزقهم التقوى .
ويقول الطبري في تفسيره عن الآيات الكريمة : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا) هذه رخصة من الله ، والله رحيم بعباده ، وكان الله جل ثناؤه أنزل قبل ذلك (اتقوا الله حق تقاته) وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى ، ثم خفف الله تعالى ذكره عن عباده ، فأنزل الرخصة بعد ذلك فقال : (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا) فيما استطعت يا ابن ىدم ، عليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على السمع والطاعة فيما استطعتم .
وقال : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : (اتقوا الله حق تقاته) قال : نسختها : (فاتقوا الله ما استطعتم) . وليس في قوله : (فاتقوا الله ما استطعتم) دلالة واضحة على أنه لقوله : (اتقوا الله حق تقاته) ناسخ ، إذ كان محتملاً قوله : اتقوا الله حق تقاته فيما استطعتم ، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان ذلك كذلك ، فالواجب استعمالهما جميعاً على ما يحتملان من وجوه الصحة .