هارون الرشيد
اشتهر هارون الرشيد من بين خلفاء الدولة العباسية بكثيرٍ من الصفات والأخلاق الحسنة، كما روت له كتب التاريخ فضائل كثيرة نبأت عن شخصيةٍ عظيمة كان لها دورٌ كبيرٌ في مرحلةٍ مهمة من مراحل التاريخ الإسلامي، وهو من الخلفاء الذين كثرت حولهم الاقاويل الكاذبة، لذلك لا بدّ من ذكر صفاته المميزة لدفع هذه الشبهات.
سيرة هارون الرشيد
ولد هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور في مدينة الري سنة 148 للهجرة، وقد حرص والده المهدي منذ نعومة أظافره على تنشئته نشأةً دينية، حيث أوكل إلى الكسائي والمفضل الضبي مهمة رعايته وتأديبه، وعندما شبّ أوكلت إليه مهماتٌ جهاديةٌ، حيث قاد معارك ضدّ الروم انتصر فيها انتصاراً كبيراً ممّا دفع والده إلى تعيينه ولياً للعهد من بعد أخيه موسى الهادي، وعندما آلت إليه الخلافة من بعد أخيه أمسك هارون الرشيد بزمام أمورها بحكمةٍ واقتدارٍ، فقد نظّم شؤون الدولة، وأكمل مسيرة الفتوحات الإسلامية حتّى وفاته سنة 193للهجرة.
أبرز صفات هارون الرشيد
- الشجاعة والفروسية: فقد اشتهر الرشيد قبل توليه للخلافة بالشجاعة والفروسية النادرة، حيث كانت أول مهمةٍ يوكّل بها سنة 165للهجرة، حيث انتصر فيها انتصاراً عظيماً مؤزراً، كما ظلّ شغف الجهاد في سبيل الله تعالى متملكاً قلبه حتّى بعد توليه للخلافة، وقد اهتمّ به اهتماماً كبيراً، وقد روي أنّه كان يلبس قلنسوة مكتوب عليها غازٍ وحاج دلالة على حبه للجهاد والقتال.
- حب العلم والعلماء: فقد قرّب إليه العلماء، كما أنشأ بيت الحكمة الذي شكل منارةً للعلم والعلماء حينئذ، حيث أوكل مهمة الإشراف عليه إلى يوحنا بن ماسويه، كما رفده بآلاف الكتب من بلاد فارس والهند واليونان، وجعله أقساماً منها ما يختصّ بالنسخ، ومنها ما يتعلق بتجليد الكتب، ومنا ما يخصّ الترجمة.
- الحكمة والفطنة والكياسة: فقد كان خليفة فطناً كيساً يدرك المخاطر التي تحيق بالدولة الإسلامية من قبل القريب أو البعيد، وعلى الرغم من أنّه أعتمد كثيراً على البرامكة الفرس في تسيير شؤون الدولة إلّا أنّه تنبه إلى نفوذهم الكبير الذي يمكن أن يشكل خطراً على النظام والدولة، حيث سعى إلى تحجيم نفوذهم من خلال إصدار قرارٍ بالقبض عليهم جميعاً، ومصادرة بيوتهم وأموالهم، فيما عرف بنكبة البرامكة.
- الورع والتقوى: فقد كان عابداً، وروي عنه في كتب السيرة أنّه كان يقوم مئة ركعةٍ في يومه وليلته، ويتصدق بألف درهمٍ كل يومٍ من صلب ماله.