مقدمة
لكل دولة في هذا العالم حكاية، هذه الحكاية تختصر الحالة التي هي عليها الآن، هناك حكايات المجد التي جعلت بلاد مدمرة تنهض من تحت الرُكام لتصبح الأقوى والأهم، وهناك بلاد ما زالت في تراجع بسبب بعض السيئين فيها وبعض الناهبين والسارقين لخيراتها، من يريد أن يبني لا يهدم لغيره، هكذا تنهض البلاد بالتكاتف والتعاون بين أبناءها، بعض البلاد لم تصل إلى القوة والأهمية التي حظيت بها أُخرى، ولكنها بلاد مُكتفية بذاتها، ولا تحتاج لعون البلاد الأخرى، لرُبما تصل هذه البلاد في يوم من الأيام إلى المجد وتصبح الأقوى، وكل هذا يعتمد على أبناء البلد، وهُم الأجدر برفعها إلى الأعلى أو الدنوّ إلى القاع. حديثنا في هذا المقال عن جمهورية لاوس.
ماهية جمهورية لاوس
تقع جمهورية لاوس في الجنوب الشرقي من آسيا، وتتجاور هذه الجمهورية مع خمسة دول، فمن الشرق تجاورها فيتنام، ومن الغرب تجاورها تايلاند، ومن الشمال الصين وبورما ومن الجنوب كمبوديا، كانت لاوس ضمن مستعمرة الهند الصينية والتي حصلت على استقلالها من الاحتلال الفرنسي في عام 1954م، وأصبحت بعد ذلك ملكية دستورية ثم تحولت إلى النظام الشيوعي حتى أصبحت جمهورية بحزب حاكم واحد؛ يسكن جمهورية لاوس 6 مليون نسمة، وهي أقل دولة من حيث عدد السكان في شرق أسيا وبالمقارنة مع عدد سكان الدول المجاورة لها، وجمهورية لاوس غير ساحلية وتغطي الجبال 70% من أراضيها، ولكن وجود نهر ميكونغ الذي يعبر من شمالها حتى جنوبها فهو شريان الحياة لها، فهو المصدر الوحيد للطاقة ويستخدم كوسيلة للنقل عبر السفن، ومصدر رزق لسكانها، وتعتبر جمهورية لاوس في المرتبة 32 على العالم حسب مجموع الموارد المائية المتجددة، وعاصمة الجمهورية هي مدينة فيينتيان وهي أكبر مدنها.
تاريخ جمهورية لاوس
يعود تاريخ جمهورية لاوس إلى 1000 سنة، حيث قام عمال التنقيب بالكشف عن آثار من أدوات حجرية وجماجم وهياكل عظمية بشريّة أكدت عراقة هذه البلد، حيث يعتبر شعب لاوس من أوائل الشعوب التي استخدمت الحديد في الصناعة. يرجع تاريخ لاوس إلى مملكة لان أكسانغ وهي أولى المماليك الكبرى والتي أسسها الملك فانغون، واستطاع الملك أن يوحد دويلاتها الصغيرة التي كان يحكمها الأمراء، واستطاعت مملكة أكسانغ من بناء نظام سياسي وعسكري جيد، حيث كان الملك على رأس 10آلاف جندي، واستمر حكم المملكة حتى عام 1694م، وانقسمت المملكة بعد حدوث منافسات على العرش وأدى ذلك لانقسام المملكة إلى ثلاث ممالك منفصلة وهي مملكة لوانغ فرابانغ، ومملكة فيانتيان، ومملكة شامباساك.
في الفترة الاستعمارية انضمت مملكة لوانغ فرابانغ بعد تدميرها إلى المستعمرات الفرنسيّة في الهند الصينية، وبعد ذلك تم ضم مملكة شامباساك، وخلال الحرب العالمية الثانية وقعت المنطقة في قبضة الاحتلال الياباني، ولم يكن الاحتلال الياباني طويلاً حيث أعلنت البلاد استقلالها في عام 1945م بعد أن انهزم اليابان في الحرب، وتم إعادة المنطقة للسيطرة الفرنسية عام 1950م على يد الجنرال شارل ديجول، وتم اعلان لاوس دولة داخل الاتحاد الفرنسي وبقي هذا الوضع 4 سنوات منذ السيطرة الفرنسية، وبعد ذلك تم منح لاوس استقلالها الكامل وأصبحت دولة ملكية دستورية يحكمها ملك فيانتيان.
بعد أن تم منح الاستقلال جمهورية لاوس من الاستعمار الفرنسي عبر اتفاقية جنيف، باشرت وزارة الدفاع الأمريكية ببرنامج دعم للجيش الملكي، وقامت فرنسا بإرسال بعثات عسكرية لتدريب الجيش الملَكي، وفي عام 1960م قام الكابتن كونغ لي الضابط في الجيش الملكي بعمل انقلاب، وأطاح بالحكومة الموالية للغرب، وكان مطلبه إقامة حكومة محايدة، وقامت بعد ذلك حرب أهلية استمرت عاماً كاملاً، وفي عام 1962 تم عقد مؤتمر دوليّ في جنيف شاركت فيه 14 دولة وتم الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية، تضم وزراء من كافّة الأطياف، وأصرت الاتفاقية على خروج القوات الأجنبية من لاوس.
في عام 1963 م عاد القتال من جديد، واستمرت 7 سنوات، وذلك بعد انسحاب الشيوعي سوفانوفونغ من الحكومة، واحتدمت المعارك بين الباتيت لاو وقوات الحكومة، وفي العام 1973 تم الاتفاق بين حكومة لاوس والباتيت لاو على وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة ائتلافية، وفي عام 1974 تم إقامة حكومة جديدة، وبعد عام قامت مظاهرات تؤيد الشيوعيين، فاضطر عدد كبير من موظفي الحكومة غير الشيوعيين بترك مناصبهم، واستبدلوهم بشيوعيين حتى أصبحت الحكومة تحت سيطرة الشيوعيين، وبعد ان انتهت حرب فيتنام في عام 1975 وسقطت فيتنام الجنوبية في أيدي الشيوعيين، وفي نفس الوقت؛ تمكن الشيوعيون من السيطرة على كمبوديا، وسيطرت الباتيت لاو على لاوس وأًصبحت دولة شيوعية، وتم وضع دستور لاوس في عام 1991.
عملة جمهورية لاوس
تسمى عملة لاوس (كيب) وهي العِملة الرسمية في جمهورية لاوس، وتم إصدارها في العام 1945م، حيث إن الدولار الأمريكي الواحد يساوي 8071.68 كيب لاوسي، أما الواحد كيب لاوسي يساوي 0.0001 دولار أمريكي.
اقتصاد لاوس
شهد اقتصاد لاوس نمواً سريعاً بعد أن قامت الحكومة اللّامركزية بتشجيع المشاريع الخاصة، وذلك في العام 1986م، ولعبت دوراً إقليميَاً مهماً في توريد الطاقة الكهرومائية للدول المجاورة كالصين وفيتنام، وفي عام 2011 تم افتتاح بورصة لاوس إلا أنّ لاوس تعتبر من أفقر دول شرق آسيا، حيث إنها تعاني من بنية تحتية سيئة وأيدي عاملة غير ماهرة، وبلغ الدخل السنوي للفرد الواحد في عام 2009 إلى 2300 دولار أمريكي.
وتعتبر لاوس من الدول التي تعتمد على الزراعة في اقتصادها، حيث يعمل في الزراعة ما يقارب 85% من سكانها، وتساهم بنسبة 51% من الناتج المحلّي للجمهورية، وأكثر المحاصيل التي تعتمد عليها لاوس هو محصول الأرز حيث اعتمدوا على درجة حرارتها المرتفعة ووفرة المياه وتوفر الجبال والمناطق العالية المناسبة لزراعة الأرز، وقد اضطرت لاوس للاعتماد على المساعدات الخارجية، واتخاذ القروض من أجل تنمية إنتاجها الزراعي من خضروات وتبغ وقصب السكر، و-أيضًاً- لتربية المواشي والدواجن، وبلغت نسبة القروض والمنح حتى عام 1999م إلى 20% من إجمالي الناتج المحلي و75% من إجمالي الاستثمارات العامة.
أما السياحة فقد منحت لاوس مواطني روسيا وكوريا واليابان وماليزيا وسنغافورة والفلبين دخولها بتأشيرة حرة، أما غير ذلك، فيتم إصدار تأشيرة دخول من القنصليات والسفارات التابعة لها في دول الخارج وتكون مدة التأشيرة خمسة عشر يوماً –فقط- وقد حققت السياحة لجمهورية لاوس نمواً كبيراً، ففي عام 1990 زار لاوس 80.000 زائر أجنبي، وبعض الإحصاءات تُشير إلى أنَه في عام 2010 ارتفع العدد إلى 1.876.000 زائر، وتوجد توقُّعات بارتفاع حتى يصل دخْل لاوس من السياحة إلى مليار ونصف دولار أمريكي، وبالتالي سيتم توفير أكثر من 10% من الوظائف لمواطني لاوس.
ومن حيث البيئة؛ فإنّ لاوس تعاني من مشاكلَ بيئية كبيرة، وخاصة إزالة الغابات وتوسع نطاق الاستغلال التجاري لغاباتها، وانعدام البنية التحتية لجمهورية لاوس، مما يجعلها تعاني أكثر، ويجعلها من أفقر البلدان، فعلى الرغم من أن هناك بعض الجوانب الجيدة والإيجابية كالسياحة إلا أن هناك جوانب سيئة وبحاجة إلى تغيير، إن الطبيعة الجبلية لجمهورية لاوس جعل التنقل فيها صعب جداً، لذلك يعتمد سكان لاوس على النهر كوسيلة رئيسية، ويتم التنقل عبره بالقوارب الخشبية.