يحقّق الزّواج مقاصد الشّريعة الإسلاميّة في حفظ النّسل و العرض ، فالمسلم حين يتزوّج فإنّ الله يرزقه الذّرية التي بها يستمر الجنس البشريّ في الحياة على الأرض و تحقيق الاستخلاف الربّاني للإنسان ، و كذلك لا يخفى على أحدٍ فوائد الزّواج من جهة إحصان النّفس البشريّة من الوقوع في المعاصي و حفظ الأعراض ، لذلك ندب الرّسول صلّى الله عليه و سلّم الشّباب للزّواج و حثّهم عليه بمجرد الإستطاعة عليه ، قائلاً يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنّه أحصن للفرج أعفّ للنّفس و من لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء أي كاسرٌ لحدة الشّهوة ، فالزّواج سنّةٌ إنسانيّةٌ نبويّةٌ إذا كان وفق مقاصد الشّرع و أحكامه حقّقت للمجتمع السّعادة ، و وفّرت لأفراده معاني السّكينة و المودّة و الرّحمة في ظلّ علاقةٍ و رابطةٍ تجمع الذّكر و الأنثى ، و قد حثّ ديننا أولياء الأمور على تيسير سبل الزّواج و عدم إثقال كاهل طالب الزّواج و خاصةً إذا تحقّقت فيه صفات الالتزام و الدّين .
فسبل تيسير الزّواج كثيرةٌ منها أن لا يغالي أولياء الأمور كثيراً في مهور بناتهن ، و لقد كان للمسلمين أسوةٌ حسنةٌ في رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقد زوّج ابنته فاطمة من علياً رضي الله عنه و لم ينظر إلى ما معه من المال و الجاه و إنما اختار حسن الخلق و كمال الدين عنده ، و قد حثّ النّبي الكريم عليه الصّلاة و السّلام أولياء الأمور على تزويج بناتهن إذا وجدوا من يرضون دينه و خلقه ، و حذّر النّبي من أن سلوك غير هذا الطّريق و هو طريق التّيسير و حسن الإختيار و النّظر إلى الماديات من شأنه أن يحدث فتنةً في الأرض و فسادٌ كبيرٌ .
و من الأساليب التي تتبع في تيسير سبل الزّواج التي انتشرت في مجتماعتنا حديثاً ما يطلق عليه بالزّواج الجماعيّ الذي يجتمع فيه عددٌ من الأزواج و يختصرون على أنفسهم كلفة إقامة حفلٍ خاصٍ و يشتركون جميعهم في مكانٍ واحدٍ ، و قد أسّست حديثاً جمعياتٌ خاصّةٌ تعنى بهذه المسألة فتدرس طلبات راغبي الزّواج ليتسنّى لها بعد ذلك تنظيم احتفالٍ جماعيٍ لهم ، و هناك من الجهات الحكوميّة أو الخاصّة أو الجمعيات الخيريّة من تمنح الشّباب المقبل على الزّواج قروضاً ماليّةً تعينهم على تحمّل أعباء و تكاليف الزّواج ، فغاية الشّريعة هي بناء مجتمعٍ تسود أفراده معاني التّكافل و المودّة و الرّحمة .