مدينة حلب
تُعتبر محافظة حلب الواقعة في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة أكبر المدن فيها من حيث تعداد السكّان والمساحة أيضاً، وهي ثاني أهمّ مدينة بعد العاصمة دمشق، إضافة إلى أنّها تُعد أقدم مدن العالم المأهولة بالسكّان، ولها تاريخ حافل وعريق، تشهد عليه الآثار الموجودة فيها، إضافة إلى الكتب والوثائق القديمة التي أرشفت تاريخ هذه المدينة.
تاريخها
كانت مدينة حلب عبر التاريخ عاصمةً لمعظم الحضارات والممالك التي حكمتها، حيث ظهرت فيها المملكة الأموريّة يمحاض، وكانت حلب عاصمتها، ثمّ المملكة الحثيّة، ومن بعدها الآراميّة، والآشوريّة، ومن ثمّ الفارسيّة، وبعدها الهيلينيّة، فالرومانيّة، والإمبراطوريّة البيزنطيّة، وكانت عاصمة الدولة الحمدانيّة الإسلاميّة، حيث امتدّت حدود هذه المدينة من منطقة الجزيرة الفراتيّة حتّى مدينة الموصل.
أظهرت الحفريّات التي جرت في القسم الجنوبي من مدينة حلب القديمة، وتحديداً في منطقة تلّ السودة وفي تل الأنصاري، بأنّه تمّ احتلال هذه المدينة لأوّل مرة في الألف الثالث ما قبل الميلاد، حيث بيّنت الألواح المسمارية التي تمّ اكتشافها في كلّ من مملكة بلاد ما بين النهرين ومملكة إيبلا أوّل ذكر لهذه المدينة في التاريخ، ومن الجدير بالذكر أنّه تمّ ضمّ حلب من قِبَل اليونسكو عام ألف وتسعمئة وستة وثمانين لقائمة مواقع التراث العالميّ.
الأبنية الحلبية
يتنوّع الطراز في مدينة حلب ويتعدّد، وذلك يعود لتنوّع الحضارات المتعاقبة فيها، حيث نجد أنماطاً سلجوقيّة، وأخرى بيزنطيّة، إضافة إلى العمارة المملوكيّة، وأيضاً العثمانيّة، وتظهر هذه الأنماط جليّة من خلال الحمّامات وأيضاً الخانات، إضافة إلى الكنائس والجوامع فيها، والمدارس، وبعض الدور القديمة التي مازالت ملكاً لبعض العائلات الحلبيّة العريقة فيها، والتي تعتمد في واجهاتها الخارجيّة على الحجر.
معالمها
تُعد قلعة حلب أهمّ المعالم الموجودة في المدينة، وتقع في أعلى تلّة مرتفعة وسط المدينة، تُشرف على جميع أحيائها القديمة، وفي مدرّج يتوسّطها، تُقام عليه الحفلات منذ القديم حتى اليوم.
يُحيط بالمدينة قديماً سور منيع لصدّ هجمات الأعداء الغزاة عبر العصور، وما زالت حتّى الآن بعض أبواب حلب التسعة شامخة في مكانها، وهذه الأبواب هي: باب الحديد، وباب أنطاكيّة، وباب النصر، وأيضاً باب قنسرين، وباب الفرج، وهنالك باب المقام، وأيضاً باب الجنان، وباب الأحمر، وأيضاً باب النيرب.
كما تضمّ العديد من الخانات، والتي هي أسواق قديمة، ما زالت قائمة في هذه المدينة حتّى اليوم، كخان الحرير، وخانة الشونة، وأيضاً سوق العطّارين، وسوق الياسمين، وهنالك سوق العتمة، إضافة لخان الجمرك، وخان البنادقة، وخان الوزير، وما إلى هنالك من خانات وأسواق عريقة وكثيرة.
وأيضاً نجد فيها العديد من المدارس والبيمارستانات، التي كانت لها السّمعة العظيمة عبر العصور، كمدرسة الحلاوية، والمدرسة المقدمية، وأيضاً المدرسة الظاهريّة، إضافة إلى المكتبة العجميّة، وبيمارستان آرغون الكاملي.
حلب اليوم
تُعتبر مدينة حلب في عصرنا الحاضر أكبر المدن الصناعيّة في الدولة السورية، وشهرتها الصناعيّة هذه متوارثة منذ تاريخها القديمة، حيث تكثر فيها المعامل ورؤوس الأموال الكبيرة، والأكثر شهرة فيها هي الصناعات النسيجيّة، وأيضاً صابون الغار الذي يحمل اسم هذه المدينة، إضافة إلى دباغة الجلود، والصناعات الدوائيّة المهمّة، وأيضاً الزيوت.
كما لم تقف حلب عند الصناعات فقط، بل تعدّت هذا لتكون من أهمّ المدن السياحيّة في البلاد، وخاصّة إثر الاهتمام الذي تلقّته من الدولة في أعمال الترميم لآثارها التي تعدّ مقصداً لكلّ من زار حلب، إن كانت القلعة الشهيرة، أو قلعة دير سمعان، وعين دارة، وجعده المغارة، وأيضاً الناقوطة، وكهف الديدريّة، ومدفن مار مارون، والجامع الأموي الكبير.