تعريف الحُبّ
للحب تعريفات عدّة، حيث يُعرّف كل فرد الحب تبعاً للمرحلة العمريّة التي يمر بها، وتبعاً للطريقة التي تعلّم الحب من خلالها، ويمكن القول إنّه مهما تعددت تعريفات الحب فإن معظمها صحيح، فالحب هو عبارة عن انجذاب الاشخاص لبعضهم البعض، وهو أن يشعر المرء بانجذابه وإعجابه بشخص ما أو شي ما.[١] ويمكن تعريف الحب على أنّه شعور عاطفي بين الأشخاص، وهو ما يعبّر عن قمة العطاء وعمقه من شخص تجاه شخص آخر، ويمكن القول إنّ الحب يعبّر عن المودة العميقة والمشاعر الدافئة التي تُسفر عن تعلق شخص بآخر، كتعلّق الطفل بوالديه، أو تعلق الفرد بأصدقائه، كما يمكن التعبير عن الحب بأنه العلاقة الغرامية والعاطفية، والرغبة الجنسية بين الأفراد،[٢] وقد عُرِّف الحب في معجم ويبستر بأنّه ظاهرة من الظواهر الإنسانية رفيعة المستوى التي تتأصّل في نفوس البشر، وهي عبارة عن عواطف وجدانية نابعة من العقل.[١]
كما عرّفته الدكتورة صهباء محمد بندق في كتابها (الحب كيف نفهمه، وكيف نمارسه؟) بأنّه عبارة عن تجربة شعورية يخوضها المرء، تتّصف بسموّها البالغ، فقد وضّحت أنّ نشأة الحب تجعل المرء يتوغّل في عالم دافئ آمن تملؤه السعادة، وقد عرّف المُفسّرون الحب على أنه ميل القلب أو النفس إلى أمر يحقق اللذة، أمّا المُتأخرون فقد عرّفوا الحب بأنّه الانفعال النفسي والانجذاب بين شخص وآخر يكمّله، وقد قال الراغب الأصفهاني إنّ الحب هو الإيثار والإرادة، فالمحبة عنده هي إرادة المرء لما يراه خيراً له، وبذلك يكون الحب إرادة مخصوصة وليس إرادة مطلقة، أمّا أبو بكر الرازي فعرَّف الحب بأنه رغبة النفس وشهوتها، في حين أنّ بعض المُحدّثين قد عرفوا الحب بأنه ميل الإنسان لما يوافقه، والحب عند القرطبي هو ميل الإنسان للأمور التي تستكمل النقص لديه فتحصل له اللذة بحصوله على ما يُسبّب كماله.[١]
أمّا نشأة الحب فتكون بسبب وجود العوامل الغريزية أو الانفعالية، أو العوامل الاكتسابية المتبوعة بالإرادة، والحب ليس رغبةً واحدةً لحظيةً فقط، فهو مجموعة من الرغبات المتتالية، ومن أنواع الحب الحب العذري أو الأفلاطوني، وهو عشق المرأة والوَلَه بها ولكنه تعلّق طاهر، وهناك الحب الشهوانيّ وهو الحب الأناني الذي تكون غاية المُحبّ منه نفع ذاته فقط، وهناك الحب الإلهي الذي يُعد حالة من حالات التصوف، وتسيطر على هذا الحب الرغبة في معرفة الذات الإلهية.[١][٣]
درجات الحُبّ العشرة
إنّ من أنواع الحب الحب الرومانسيّ، وهو ما يشتمل على عدة درجات أو مستويات، وهذه الدرجات هي كالآتي:[٤]
- التعلق الماديّ: يبدأ الحب الرومانسي عادةً بتعلق الإنسان بشكل مادي بإنسان آخر من جنس مختلف، وينتج عن هذا التعلق المادي الشعور بالانتماء والأمان والراحة بين الطرفين، والتعلق المادي هو أيضاً تعلق جسدي بين شخصين حيث يزداد ارتباطهما ببعضهما البعض، ويجدان صعوبة في الانفصال مادياً عن بعضهما، كما يقلل ذلك من الحرية الفردية لكليهما.
- الانجذاب: يعبّر الانجذاب عن وجود عاطفة جنسيّة أو رغبة جنسيّة بين الطرفين، وعادةً ما يحاول الأفراد في هذه المرحلة من الحب السيطرة على بعضهم ما أمكن، ويكون الإحساس بالرغبة الجنسية مُكثّفاً أيضاً، لكن يجدر بالذكر أنّه على الأفراد معرفة أن الرغبة الجنسية أو النشاط الجنسي ليس أساساً كافياً لبناء علاقات ناجحة على المدى البعيد.
- الانسجام أو التوافق: في هذه الدرجة من الحب تصبح العلاقة أكثر انسجاماً وثباتاً واسقراراً من الدرجات السابقة، وفيها تُبنى الأسرة وتصبح العلاقة على مستوىً أعلى من التنظيم والإدارة للعائلة الناشئة، وفي حال كانت العلاقة أقلّ إيجابية، واختيار الشريكين لبعضهما وكأنه أمر مفروغ منه أو أمر لا مفرّ منه فإن العلاقة تصبح مُملّة وسطحية، وقد تفتقر إلى الاستقرار المطلوب، لذلك يجب الحرص دائماً على تطويرها نحو الأفضل، وبما يصب في مصلحة العائلة.
- الانجذاب الحيوي: في هذا المستوى ينجذب المرء إلى الأشخاص الذين يشعر بسعادة معهم، والذين يمنحونه الشعور بالرضا عن نفسه، الأمر الذي يولّد الطاقة الحيوية في داخله، ويشيع هذا النوع من الانجذاب بين الأصدقاء أو أفراد الأسرة، وكلما كان الأطراف فيه متفاهمين أكثر كانت العلاقة أكثر إيجابية، في حين أنها تصبح سلبية عندما يحاول أحد الاطراف السيطرة على الباقين، أو عندما تبدأ روح المنافسة بينهم.
- المودة: هي عبارة عن شعور دافئ منبثق من القلب تجاه الأشخاص، ويمكن القول إنّ المودة الحقيقية تكون قائمةً على العطاء في أغلب الأحيان، ومن النادر أن يغضب شخص من شخص يشعر بالمودة تجاهه.
- الإعجاب: هو درجة أكثر عمقاً من المودة، ويمكن القول إنّه المودة الشديدة بين الأطراف، حيث لا يمكن الحفاظ على المودة الشديدة إن لم يكن هناك إعجاب بين الأطراف، وعادة ما ينبثق الإعجاب بسبب احترام شخص لآخر، أو وعي شخص ما لصفات شخص آخر تجعله يعجب به، وإن الحب القائم على الإعجاب منذ البداية هو حب يمكنه تخطي مختلف الصعوبات.
- الحب العقلانيّ: هو الحب القائم على الولاء والإخلاص والعطاء الخالي من العواطف، ولا يطلب فيه أحد الأطراف المعاملة بالمثل، وعلى الرغم من افتقار هذا الحب إلى العواطف إلّا أنه يعبر عن درجة رفيعة من الوفاء والعطاء اللامتناهي.
- التفاني في الحب: هو درجة مُثلى من الحب العاطفي الذي يقوم على العطاء التلقائي؛ حيث يعطي أحد الأطراف كل ما بإمكانه تقديمه للطرف الآخر دون أن يتوقع أي مقابل منه.
- العشق: هو الدرجة النبيلة من درجات الحب الذي يبعث الطاقة الإيجابية بين العاشقين، وفي العشق لا توجد أدنى درجة من الشكوك، أو التوقعات، أو أي أنواع من الشكوى، وهو مليء بالمفاجآت، والكرم، والعطاء الذاتي.
- الرومانسية الروحية: هي عبارة عن حالة من الحب لا يمكن التعبير عنها، تقوم على المغامرة والمشاعر التي لا تخضع لأي نوع من الشروط، كما أنّها حب خالٍ من الوعي والإدارك، حيث يمتلئ عقل المرء وروحه بالمشاعر الفيّاضة، وإن الشعور بالنشوة والإشباع هو ما يميّز هذه الدرجة من الحب.
الحُبّ في الفلسفة
للحب في الفلسفة معنىً خاصّ، يُعبّر عنه بأنّه عاطفة تسبّب انجذاب شخص نحو شخص آخر من جنس مختلف، ويكون مصدر هذه العاطفة الميل الجنسي، أمّا المعنى العام للحب عند الفلاسفة هو عاطف،ة عندما تظهر وتنشط تؤدي إلى تحقيق اللذّة؛ سواءً كانت لذّةً ماديّةً أم معنويّةً، ويمكن تعريف الحب إجمالاً بأنه ميل الإنسان نحو الأمور السارّة التي يكون الغرض منها تحقيق الحاجات المادية أو الروحية، حيث يرى المرء بأن هذه الأمور السارة هي ما يحقق الكمال له،[١] ومن أنواع الحب في الفلسفة، وخاصّة فلسفة أفلاطون وأرسطو:[٥][٦]
- إيروس (بالإنجليزيّة: Eros) : هو الحب العاطفي أو الحب الجنسي، وعادةً ما يُستخدَم مصطلح إيروس للإشارة إلى الحب الذي يعبّرعن رغبة كبيرة بشيء معيّن، قد تكون هذه الرغبة عاطفيةً، وقد تكون رغبة جنسيةً.
- فيليا (بالإنجليزيّة: Philia): تعبّر عن العلاقة بين الأصدقاء، حيث تتأسّس الصداقة في نظر أرسطو على أساس الثقة، واعتماد الأفراد على بعضهم البعض، وتحقيق المنفعة لبعضهم، ويتولّد عن فيليا الأصدقاء الحقيقيّون الذين يتشاركون، ويسعون للعيش معاً رغم جميع الظروف، ويمكن القول إنّ فيليا تعبّر عن الولاء والتقدير بين الأصدقاء، وفي رأي أرسطو فإنّ فيليا تعبّر عن التحفيز ووجود الدافعية، وهي مشاركة الأصدقاء لبعضهم البعض في جميع شؤونهم وتصرفاتهم إزاء الأمور المختلفة، وهؤلاء الاصدقاء هم من لا يشعرون بالحقد او يُضمرون الضغينة لبعضهم، والجدير بالذكر أنّ فيليا عند الفلاسفة اليونان لا تقتصر على الأصدقاء فحسب، وإنما على ولاء أفراد الأسرة وزملاء العمل لبعضهم البعض أيضاً.
- ستورجي (بالإنجليزيّة: Storge): هو نوع من أنواع الحب العائلي، وهو نوع من أنواع الفيليا التي ترتبط بالآباء والأطفال؛ خاصّةً الأطفال في سن صغيرة جداً، ويعتمد الحب على البراءة والألفة بشكل أساسي.
- أجابيه (بالإنجليزيّة: Agape): يعبّر عن حب الطبيعة وحب الإنسان لله وحب الله للإنسان، كما يشمل أجابيه الإيثار، وعندما يُشير إلى الإيثار فإنّه يعني تحقيق الرفاهية للآخرين، والتخلي عن الأنانية والتعاون.
- لودوس (بالإنجليزيّة: Ludus): يتميّز هذا النوع من الحب بقلة الالتزام، ويمكن وصفه بالحب اللعوب، الذي ينطوي على أمور مثل المضايقة أو المغازلة، ومن الممكن أن يشتمل على المرح والعديد من الإغراءات، وعادةً ما تكون علاقات الحب من نوع لودوس غير معقدة، ومن الممكن أن تدوم فترة طويلة من الزمن، وتسير الأمور في هذا النوع بشكل أفضل عندما يكون الطرفان ناضجين.
- براجما (بالإنجليزيّة: Pragma): هو الحب العقلاني أو الحب العملي الذي يقوم على أساس تحقيق مصلحة ما، وعادة ما يتم إهمال عامل الانجذاب الجنسي في مثل هذا النوع من الحب، ويقتصر على التفاهم بين الزوجين والالتزام، ومن الأمثلة عليه زواج المشاهير، والزواج السياسي.
- فيلوشيا (بالإنجليزيّة: Philautia): هو حب الذات، ويمكن القول بأنه فخر المرء بنفسه والاهتمام بها إلى درجة كبيرة، فقديماً كان فيلوشيا عند اليونان يعني أن يُقدِّم المرء نفسه على الآلهة التي كانوا يعبدونها، أمّا اليوم فهو يعبر عن الشخص المُعتدّ بنفسه وإنجازاته، ويُعتقََد أنّ هذا النوع من حبّ الذات يؤدي إلى حدوث الصراعات والنزاعات، وانتشار الظلم والعداوة بين الناس.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج "ما الحب؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-23. بتصرّف.
- ↑ "love", www.dictionary.com, Retrieved 2018-2-23. Edited.
- ↑ "تعريف ومعنى الحب في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-23. بتصرّف.
- ↑ "Ten Levels of Romance", www.romanceeternal.org, Retrieved 2018-2-23. Edited.
- ↑ .Neel Burton M.D (2016-6-25), "These Are the 7 Types of Love"، www.psychologytoday.com, Retrieved 2018-2-23. Edited.
- ↑ "Philosophy of Love", www.iep.utm.edu, Retrieved 2018-3-4. Edited.