حب الوطن بتخليد مكانته في القلوب
فالوطن فيه البيت والطفولة والأصدقاء والجيران والأقارب والكرامة والعزة و من أجل الوطن استشهد الملايين ورووا بدمائهم ترابه وأرضه في كافة ربوع بلادنا العربية وعلى مدار تاريخنا العربي القديم والمعاصر، وفي حب الوطن تغنى الشعراء ونظموا القصائد والأبيات التي تفيض بحب الوطن والانتماء إليه بمشاعر ينبع منها الصدق والشوق والحب حتى قال أحدهم : كم من منزل في الارض يحبه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل، وقال آخر: دفنتَ ربيــع عمرك في بلادٍ لهــا طالت لياليك القصارُ، إذا لم تحوِ تربتهـا حجــاراً، فبين ضلـوع أهليهـا الحجار، وقال آخر : مهما يَجر وطني علىٌ وأهلُه فالأهل أهلي والبلادُ بلادي، إنه حنين الاشتياق ولوعة الفراق وصبر على ظلم ذوي القربى في سبيل حب الوطن، فمن عاش الغربة عرف قيمة الوطن ومن عاش ذل الغربة اشتاق إلى الوطن وشمس الوطن وتراب الوطن وهواء الوطن ورائحة الوطن، فليس غريباً أن تقوم إحدى الشركات الأجنبية بتعبئة هواء المدن في بعض دول العالم في أكياس بلاستيكية وبيعه للناس، قد تبدو الفكرة غريبة ومستحيلة ولكن لا يمكن لوم المشتاق إلى وطنه في أشواقه حتى تكون أحشائك في أحشائه، فكل شعوب الأرض لها أوطان تعيش فيها إلّا نحن؛ فلنا وطن يعيش فينا.
علامات حب الوطن
ليس حب الوطن فقط كلمات ننظمها ومشاعر نعبر عنها ودموع نجهش بها وصفحات تعبير نكتبها لأبنائنا في المدارس، إنما حب الوطن سلوك وأفعال يجب أن نقوم بها لنثبت انتماءنا وولاؤنا الحقيقي الذي يعبر عنه بالتضحية والفداء بالنفس والمال والولد، فالجندي بثباته وصبره وحراسته للحدود هو حب للوطن، والشرطي الذي يسهر على أمن أبناء شعبه هو حب للوطن، والصانع في مصنعه والتاجر في متجره والفلاح في أرضه والكاتب في قلمه والشاعر في أبياته والرسام في ريشته والطبيب في مشرطه والطالب والمدرس والأب والأم كل هؤلاء إذا قاموا بدورهم على أكمل وجه فإنهم يحبون الوطن ويخدمون الوطن، ولنا قدوة حسنة في الشعب الماليزي عندما عصفت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 في كافة دول العالم؛ هب الشعب الماليزي بوضع المال والذهب في البنوك من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني، إنها روح البذل والعطاء وروح التضحية والانتماء من أجل الوطن والتضحية بالمصالح الشخصية والفئوية الضيقة في سبيل حب الوطن، وما أكثر الذين يقسمون كل يوم بالدفاع عن الوطن وسلامة أراضيه، ولا يدخرون جهدا في تدميره ونهب ثرواته وخيراته من أجل مصالحهم الضيقة، وخدمة لرغباتهم ونزواتهم لنجدهم كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن، يقولون ما لا يفعلون وهمهم الأكبر تعزيز سلطاتهم وتقوية نفوذهم، ولعل الكارثة الكبرى التي تنغرس في قلوب الشباب وأبناء الوطن هو انعدام الأمل والشعور بالغربة وهم في أوطانهم.
فالوطن ليس مجرد تراب أو أشجار أو جبال أو أنهار أو بحار أو شمس أو هواء، الوطن هو بأبنائه بشبابه بنظامه الحاكم بقوانينه باحترامه لحرية وكرامة الإنسان وحقوق الإنسان الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، الوطن يعلو و لا يعلى عليه، الوطن فوق الجميع وأكبر من الجميع .
أمور يجب اتباعها لغرس حب الوطن في النفوس
لذا فمن الواجب علينا كآباء ومربين ومدربين ونشطاء شباب أن نبث روح الأمل في حب الأوطان في نفوس أبناءنا وشبابنا وأجيالنا فهم فلذات أكبادنا وهم قادة الغد، وهم رجال المستقبل والغد المشرق، فلا يجب علينا أن نبقي طويلاً نبكي على الأطلال فمن يوقد شمعة في الظلام خير من أن يلعن الظلام ألف مرة، فرب سنبلة زرعت في الأرض ملأت الوادي سنابل، فنحن أحوج ما نكون لزارعي الأمل أكثر من حاجتنا لزارعي القمح فنحن في زمن زرع فيه روح الانهزام والتشاؤم واليأس والإحباط.
لذلك كان لا بدّ لنا كأهل وأخوة في الإنسانية والوطنية أن نقف وقفة رجل واحد دفاعاً عن كل ما في هذا الوطن من مقدرات، فهي ملك لنا، ولا سبيل لأن نشاركها مع أي أحد مهما كان.