محتويات
القرآن الكريم
أنزل الله تعالى القرآن الكريم على رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-؛ ليكون معجزته الخالدة، ودليل صدق نبوّته، وكتاب هدايةٍ وإرشاد للنَّاس، فكان القرآن الكريم دستوراً للأمة الإسلاميَّة ومنهج حياةٍ للمسلمين، يحتكمون إليه في شؤونهم، ويرجعون إليه في معاملاتهم، ويتخلّقون بأخلاقه وآدابه، ويعتبرون ممَّا ورد فيه من قصص الأنبياء والأمم السَّابقة. الآتي تعريفٌ للقرآن الكريم، وحديثٌ عن أجزائه وسوره، وبيانٌ لآياته من حيثُ طبيعتُها وعددها، وتوضيح لخير آية في القرآن الكريم.
تعريف القرآن الكريم
القرآن الكريم لغةً
اختلفت أقوال العلماء وآراؤهم حول معنى القرآن اللغويُّ على النَّحو الآتي:[١]
- قول الإمام الشَّافعي وغيره إنَّ القرآن اسمٌ جامدٌ غير مشتقٍّ من جذرٍ لغويٍّ، وقالوا بأنَّه (قران)؛ أي لفظٌ غير مهموز، واختصَّ الله تعالى بهذا الاسم الكتاب الذي أنزله على النَّبيّ محمدٍ -عليه الصَّلاة والسَّلام- كما الكتب السَماويَّة الأخرى كالتَّوراة والإنجيل.
- القول بأنَّ لفظ القرآن لفظٌ مُشتقّ، واختلفوا في مصدر اشتقاقه؛ فقد نُقل عن الفرَّاء أنَّه مشتقٌّ من القرائن أي المُتشابهات؛ لأنَّ آيات القرآن يُصدِّق بعضها بعضاً ويُشابه بعضها بعضاً كما القرينات، وذهب اللحيانيُّ وغيره إلى أنَّ مادَّة القرآن القراءة، وهو مشتقٌّ من الجذر اللغويّ قرأ، في حين ذهب الزَجَّاج وغيره إلى القول بأنَّ القرآن مشتقٌّ من القرء أي الجمع، فيُقال: قَرَأ الماء في الحوض أي جمع فيه، وسُمِّي القرآن بذلك لأنَّه جمع ثمرات وفوائد الكتب السَماويَّة السَّابقة.
القرآن الكريم اصطلاحاً
يُعرَّف القرآن الكريم في الاصطلاح بأنَّه: (كلام الله تعالى المُعجَز، المُنزَّل على النَّبيّ محمدٍ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، الموحى به بواسطة المَلَك جبريل -عليه السَّلام-، المتعبَّد بتلاوته، المنقول بالتَّواتر، المجموع بين دفَّتي المُصحف الشَّريف، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة النَّاس.[٢]
أمَّا المراد بكون القرآن الكريم معجزاً فمفاده عجز العرب رغم فصاحتهم وبيانهم عن الإتيان بمثله، وتحدّي الله تعالى لهم عن الإتيان بسورة من مثل سوره أو حتى آيةٍ من مثل آياته، ومعنى مُوحَى به أي أنَّ القرآن الكريم بألفاظه ومَعانيه من عند الله تعالى أنزلها جبريل -عليه السَّلام- على النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، والمراد بأنَّه مُتعبَّدٌ بتلاوته أنَّ في تلاوة آيات القرآن الكريم أجراً وثواباً كما أنَّ الصلاة لا تصحُّ إلا بتلاوته فيها، والمقصود بأنَّ القرآن الكريم منقولٌ بالتَّواتر أي أنَّه منقولٌ من زمن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- والصحابة -رضي الله عنهم- جمعاً عن جمعٍ بصورةٍ يستحيل معها تواطؤهم على الكذب أو خطؤهم فيه.[٢]
سور القرآن الكريم
يتكوَّن القرآن الكريم من ثلاثين جزءاً، يضمُّ كلُّ جزءٍ من هذه الأجزاء جملةً من السور التي يبلغ عددها مئةً وأربع عشرة سورةً، وقد يشتمل الجزء الواحد على سورةٍ واحدةٍ من طِوال السُّور كما في الجزء الأول والثاني من أجزاء القرآن اللذان يضمَّان سورة البقرة، وهذه السُّور في تسميتها وترتيبها توقيفيَّةٌ؛ أي مُوحى بها من عند الله تعالى على هذا النحو وليست من اجتهاد النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولا من قوله.[٢]
تنقسم سور القرآن الكريم إلى مكيَّةٍ ومدنيَّةٍ؛ فأمّا السُّور المكيَّة فهي السُّور التي نزلت على النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قبل الهجرة إلى المدينة المنوَّرة، والمدنيَّة هي السُّور التي نزلت على النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- بعد الهجرة، ولا عبرة بمكان النُّزول، بل العبرة فقط بالزمان؛ أي ما كان قبل الهجرة أو بعدها، وتمتاز السُّور المكيَّة في تناولها لقصص الأنبياء والأمم السَّابقة، وآيات العقيدة والإيمان، وكذلك تثبيت قلب النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- وحمله على الصبر على أذى المشركين وعنادهم، أمَّا السُّور المدنيَّة فتناولت مواضيع أحكام العبادات والمُعاملات والجهاد وما يتّصل به، والحديث عن المُنافقين وبيان أحوالهم ونحو ذلك.[٢]
كما تتباين سور القرآن من حيث الطُّول والقِصر؛ حيث يغلب على السُّور في الأجزاء الأولى من القرآن الكريم الطول، وتعدُّ سورة البقرة أطول هذه السُور التي يبلغ عدد آياتها مئتين وستٍّ وثمانين آيةً،[٣] وأقصرها سورة الكوثر بآياتها الثلاث، واعتبرت الأقصر من حيثُ قلَّة عدد كلماتها لا آياتها.[٤]
عدد آيات القرآن الكريم
كما أنَّ سور القرآن الكريم في تسميتها ترتيبها بين دفّتي المصحف توقيفيَّةٌ مُوحى بها من عند الله تعالى، فإنَّ ترتيب آيات القرآن الكريم كذلك؛ حيث كانت تنزل الآية على النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- فيخبره جبريل من الله تعالى بمكانها وترتبها من السُّورة، فيأمر النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- الصحابة -رضي الله عنهم- من كُتَّاب الوحي بكتابتها وفق الترتيب الذي أُوحِي إليه وأُمِر به.[٢] يبلغ عدد آيات القرآن الكريم ستَّة آلافٍ ومئتين وستٍ وثلاثين (6236) آيةً موزَّعةً على سورٍ القرآن الكريم، ومحفوظةً بين دفّتيه.[٥]
أعظم آيةٍ في القرآن الكريم
ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ القرآن الكريم كتابٌ عظيم، وكلُّ آياته عظيمةٌ من عظمته، إلا أنَّ أعظم آيةٍ فهي كما أخبر النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- هي آية الكرسي، وهي الآية رقم مئتين وخمسة وخمسين من سورة البقرة، قال الله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)،[٦] وقد روى أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (يا أبا المنذِرُ: أتدري أيَّ آيةٍ من كتاب اللهِ معك أعظمُ؟ قال قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: يا أبا المنذِرُ: أتدري أيَّ آيةٍ من كتاب اللهِ معك أعظمُ؟ قال قلتُ: اللهُ لا إله إلا هو الحيُّ القيومُ . قال: فضرب في صدري وقال: واللهِ لِيَهْنِك العلمُ أبا المنذِرِ).[٧]
المراجع
- ↑ السيوطي (1974)، الإتقان في علم القرآن، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 181-182، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج مصطفى البغا، محي الدين مستو (1998)، الواضح في علوم القرآن (الطبعة 2)، دمشق: دار الكلم الطيب، صفحة 15-79. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير (1999)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة الثانية)، الرياض: دار طيبة، صفحة 149، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الطاهر بن عاشور (1997)، التحرير والتنوير، تونس: دار سحنون، صفحة 572، جزء 30. بتصرّف.
- ↑ أحمد المناوي (25-9-2016)، "ثنائية المثاني"، طريق القرآن، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2017. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 255.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 810.