الوقت هو الأساس الذي تنتظم فيه الحياة ويسير وفقه كلّ ما في الكون، فحين خلق الله سبحانه وتعالى الكون جعل وجوده مقروناً بتوقيت معين منذ بداية خلقه وحتى قيام الساعة، فأهمية الوقت لا تكمن فقط في كونه ينظم شؤون الحياة، بل تكمن أهميته في مواطن كثيرة لا حصر لها فهو المرجعية التي يستند عليه البشر في تحديد مواعيدهم ونقاط بداياتهم ونهاياتهم، وهو الأساس الذي به تتم كتابة التاريخ وحساب الأعمار وتحديد الإنجازات النسبية بناءً على ما مضى من سنين وأيام وساعات، فالوقت هو أبو النظام وهو نقظة الارتكاز التي على أساسها يستطيع الإنسان أن يحدد أهدافه وخططه الزمنية ويمشي بناءً بناءً عليها ويحدد ما تم إنجازه نسبةً إلى ما مضى من وقت.
لو لم يكن للوقت وجود لسارت أمور الحياة بعشوائيةٍ، ولما استطاع أحد تحديد مواعيده والالتزام بها، لهذا فإنّ احترام الوقت مهم جداً ودليل على الرقي والنظام واحترام الآخر؛ لأنّ اللحظة التي تضيع من عمر الوقت لا يمكن أن تعود أبداً ولا تُعوض أبداً، لذلك يجب استغلال كل لحظة ودقيقة وساعة من عمر الوقت لعمل شيء مفيد كي يكون القسم الأكبر من الوقت قد مضى في تنفيذ اشياء مفيدة، فضياع الأهداف والمستقبل يبدأ من تضييع الوقت بلا فائدة وعدم استغلاله بالشكل الصحيح، فكما يقولون دائماً إنّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك فهو لا ينتظر أحداً، ولا يمكن أن يتوقف لأجل أي شخصٍ مهما كان فهو ماضٍ لا محالة.
تكمن عظمة الوقت في سير كل الأشياء العظيمة في الكون وفقه، فحتى الشمس والقمر يسيران لأجلس معين محكوم في الوقت، ومن أهمية الوقت أيضاً أنّ العبادات مقرونة به كالصلاة مثلاً، فلكلّ صلاة من الصلوات المفروضة وقت معين يجب الالتزام به تماماً، أما الصيام فهو أيضاص مقرون بالوقت بدءاً من تحديد بدايته، وتحديد وقت الامتناع عن الطعام، وانتهاءاً بوقت الإفطار، وكذلك الحال بالنسبة للحج والعمرة، لهذا فإنّ أهمية الوقت تتجاوز الأهمية العادية التي تكون للأشياء الأخرى، وتقترن بكل ما يخص تفاصيل الحياة التي نعيشها، فمن لا يعرف الوقت يبدو كالتائه في الصحراء، لا يعرف كم مضى عليه من الزمن ولا كم سيبقى، ولا يعرف إن كان مبكراً أم متأخراً.
يعتبر احترام الوقت مقياساً لرقي الشعوب وتطورها، فعلى سبيل المثال يستطيع فرق جزءٍ من الثانية أن يصنع بطلاً في المركز الأول، كما يستطيع هذا الجزء من الثانية أيضاص أن يُنقذ حياة مريضٍ توقف قلبه أو انقطعت أنفاسه، لهذا فإنّ احترام الوقت ضرورة لا بد منها كي نكون أفضل في عين أنفسنا وفي عين الزمن.