وادي الأردن
يشتهر وادي الأردن باحتوائه على أخفض نقطة في العالم وهي البحر الميّت. وهو واقع ضمن منطقة أخدوديّة ممتدة على مسافة تبلغ 430كم من جبال الشيخ في الشمال، حتى مدينة العقبة الأردنيّة في الجنوب، فهو يعدّ جزءاً من نظام أخدوديّ يدعى (الأخدود الإفريقيّ الآسيويّ) الممتد على مسافة 6 آلاف كم. أمّا في نطاقه الأصغر فيمتدّ الغور من بحر الجليل المرتفع عن سطح البحر بمقدار 200م، حتى البحر الميّت الذي ينخفض ما يُقارب 400م عن سطح البحر، ليشكل امتداده مسافةً مقدارها 104كم وذلك على طول امتداد نهر الأردنّ، ويحيط بالوادي جبال من كلا الجانبين يبلغ ارتفاعها 900م. ويتبع الجزء الشماليّ من الوادي دولة الأردنّ، بينما يتبع جزؤه الغربيّ دولة فلسطين، فتبلغ المساحة الإجماليّة لوادي الأردنّ 2400كم مربّع، وتشكّل 30% منها أراضي الضفة الغربيّة في فلسطين، ويسيطر الاحتلال على مساحة 1200كم مربّع منها. يتميّز وادي الأردنّ بتربته الغرينيّة الخصبة، ويوصف مناخه بأنّه شبه استوائيّ بدرجات حرارة مرتفعة جداً، ونسبةٍ منخفضةٍ من الأمطار، ورطوبةٍ عالية، وهذا الجوّ يجعل من منطقة غور الأردن منطقةً منتجةً للمحاصيلَ الزراعيّة قبل شهرين من موعد نضوجها في غيرها من المناطق.[١][٢][٣] أمّا غور الأردن فهو جزء من وادي الأردن، إذ يمتد بين بحيرة طبرية شمالاً والبحر الميت جنوباً، ويبلغ طوله ما يُقارب 105كم، ويخترق وسطه نهر الأردن، ومجموعةً من الأودية الجانبية التي ترفد مياه النهر.[٤]
تكوّن غور الأردن
يُفسّر علماء الجيولوجيا تكوّن غور الأردن لمجموعةٍ من النظريّات، منها تعرّض المنطقة في أواخر الحقبة الجيولوجية الثالثة في عصر البلبوستينِ الأعلى إلى حدوث انشقاقاتٍ وتكسّراتٍ في قشرتها الأرضيّة، وذلك تحت تأثير حركات بنائية تكتونية تعرّضت لها المنطقة. ثمّ استمرّ هذا الشقّ بالتوسّع، وازداد التباعد بينَ جانبي الوادي بفعل حركات ضاغطة تسببت بانهيار طبقات الحجر الرمليّ الناعم، فنشأ عنها قاع الوادي ومناطق مرتفعة على جانبيه. ويُعتقد بأنّ هذا الضغط جاءَ من جهة الغرب دافعاً كتلة البحر الميت باتجاه شرقاً لتستقرّ أسفل كتلة الهضبة الأردنية، ممّا أدّى لارتفاع هذه الهضبة الأعلى، أمّا الهضبة الفلسطينيّة فقد ارتفعت بفعل المصهورات الصخريّة الواقعة أسفلها. وفي نظرية أخرى تفسّر تشكل الغور قسّمت العمليّة إلى مرحلتين، الأولى بدأت في عصر الميوسين الأدنى حتى أوائل عصر البلايستوسين، وقد تسببت بزحزحة كتلة شبه الجزيرة العربية نحوَ الشمال بنحو 62 كم، مع بقاء كتلة سيناء وفلسطين في مكانها، ممّا تسبب بتشقق الأرض وهبوطها، ثمّ بدأت المرحلة الثانية في أواخر عصر البلايستوسين فتزحزحت كتلة شبه الجزيرة العربية مجدداً بمقدار 45كم نحوَ الشمال ليتشكل ما يعرف بانهدام أو أخدود البحر الأحمر ووادي الأردن.[٤]
كانَ هذا الشقّ المتكوّن مرتبطاً بالمحيط لفترة طويلة، ممّا خلقَ سلسلة من طبقات الرسوبيّات التي تكوّنت بفعل عمليّات التبخّر الضخمة التي حدثت في الجزء الجنوبي من حوض البحر الميت، وفي المنطقة الواقعة بين جزئي حوض البحر الميّت، وفي المنطقة الواقعة جنوب بحيرة طبيريّا. وتتكوّن هذه الرواسب بشكلٍ رئيسيّ من الملح الصخريّ، ويظهر للعلماء عن طريق طبقات الرواسب التي تمتدّ لعدّة كيلومترات التسارع الذي ساهمَ في تشكّل هذه الرواسب، ممّا تسبب بتسارع في انخفاض وهبوط الحوض. فحوض منطقة البحر الميّت عبارة عن صدع منخفض ومحصور، وينقسم هذا الصدع داخليّاً بواسطة صدوع عرضيّة مشكلاً عدداً من المناطق، ففي الحوض الجنوبيّ تتراكم رواسب مقدارها 10كم تعود للعصر البلستوسيني وعصر النيوجين، أمّا في الحوض الشماليّ فإنّ الرواسب تعود للعصر الطباشيريّ وتتمثّل سماكتها بطبقة أقلّ سمكاً.[٥]
جغرافيّة غور الأردن
ينتمي غور الأردن للوادي المتصدّع العظيم الذي يتكوّن من وادي البقاع، ووادي الحولة، ووادي عربة، وخليج العقبة وصولاً للبحر الأحمر. ويتصف غور الأردن بمجموعة من الخصائص الجغرافيّة، يمكن تلخيص أهمّها كما يأتي:[٦]
- الارتفاع: ينخفض وادي الأردنّ عن سطح البحر بمقدار 208م، ويعدّ الطرف الجنوبيّ للغور ومنطقة البحر الميّت أخفض منطقة في الغور وفي العالم، فيبلغ مقدار انخفاضها عن سطح البحر ما يُقارب 422م. أمّا المناطق التي تحيط بالغور فهي مرتفعات يبلغ مقدار ارتفاعها عن سطح الوادي في المنطقة الجنوبيّة 1066م، ويقلّ ارتفاعها كلّما توجّهت للجهة الغربيّة الشماليّة.
- الخصائص الجيولوجيّة: تتصف تربة الغور بأنّها غرينيّة تشكلت بفعل تآكل صخور الجبال المحيطة بالوادي، وتغطي هذه الطبقة من التربة الرواسب التي تشكلت في مرحلة ما قبل التاريخ وهيَ عبارة عن رواسب ملحيّة طباشيريّة معقمة، وتتكشّف هذه الطبقة في المنطقة الجنوبيّة للوادي وفي منطقة القطارة.
- المناخ: يختلف المناخ في المناطق المكوّنة للغور، فتقلّ كميّة الأمطار باتجاه الجنوب وفي المرتفعات الغربيّة، بينما تزداد كميته على المرتفعات الشرقيّة. أمّا درجات الحرارة فتتراوح بين 29 صيفاً إلى 14 شتاءً في مناطق الشمال، و33 صيفاً إلى 15 شتاءً في مناطق الجنوب.
البحر الميّت في الغور
إنّ البحر الميّت مسطح مائيّ عالي الملوحة، انخفضت نسبة المياه فيه لحوالي 20م، وتقل مساحته بسبب هذا الانخفاض المستمرّ، إذ قلّ طوله من 75كم في القرن الماضي ليصبح في الوقت الحاضر بطول 55كم. ويعود السبب في انحسار البحر الميّت لعدّة أسباب منها الاستخراج الجائر للمياه من روافد البحر الميّت، وهيَ نهر الأردن ونهر اليرموك، وأعمال التنقيب عن المعادن في الحوض الجنوبيّ للبحر الميت. وقد ارتفعت ملوحة مياه البحر الميّت إذ تبلغ نسبة ملوحته الحاليّة 33.7%، كما ساهمت أنشطة صناعة البوتاس في المنطقة والتي تعمل على ضخّ المحاليل الملحيّة الناتجة من أحواض التبخير إلى زيادة ملوحة مياه البحر الميّت. كما أنّ الأمطار التي هطلت منذ عام 1983م واستمرّت حتى الوقت الحاليّ تسببت بزيادة تركيز الهاليت في مياه البحر.[٣][٥] وبشكل عام فإنّ البحر الميت يتمتع بعدد من الخصائص التي تجعل منه منطقة مميّزة عالميّاً، منها:[٥]
- يوجد البحر الميّت في أخفض منطقة في وادي الأردنّ.
- إحاطة البحر الميت بجوانب متاخمة للصدع المكوّن للوادي، وهي شديدة الانحدار ممّا يمنع خروج الأملاح للمناطق المجاورة.
- التغيّر في كميّة المياه التي تصبّ في البحر الميّت، ممّا يجعله يخضع لتغيّر مستمرّ في منسوب المياه فيه، وبالتالي اختلاف تركيز الأملاح ودرجة تشبع الهاليت في مياهه.
المراجع
- ↑ يحيى نبهان (2010)، أطلس الوطن العربي، الأردن: دار يافا العلميّة للنشر والوزيع، صفحة 86. بتصرّف.
- ↑ "The Jordan Valley", www.roughguides.com, Retrieved 2-9-2018. Edited.
- ^ أ ب Stefan Schennach, Mongi Cherif, Antonyia Parvanova Special Report on the Situation in the Jordan Valley , Naples: EMPA, Page 13, 10, 9. Edited.
- ^ أ ب "الغور"، www.palestinapedia.net، 15-9-2014، اطّلع عليه بتاريخ 5-9-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت J.R. GA, The lakes of the Jordan Rift Valley, Palestine: Weizman Institute of Science, Page 105،108-110. Edited.
- ↑ James Mark Schaaf (2012), Historical Geographical Survey of the Jordan Valley in the Late Bronze Age, South Africa: University of South Africa, Page 46،48،50،73-75. Edited.