تمخض الجبل فأنجب فأرا

كتابة - آخر تحديث: ٢:٢٠ ، ١٢ يونيو ٢٠١٤
تمخض الجبل فأنجب فأرا

كثيرًا ما نسمع هذه العبارة، تقال كثيرًا في بعض المحافل، وبعد عدوة مواقف تختتم بهذه العبارة، ما معناها؟ وما الجدوى منها؟

معنى هذه العبارة أنّ الجبل بقوته وعظمته وكبر حجمه عندما أراد أن ينجب شيئًا، كان من المفترض أن ينجب جبلًا مثله، لكنّه أنجب فأرًا!، لماذا أنجب فأرًا؟! هذا دليل عدم الإنجاز بعد توقع الكثير، وتقال هذه العبارة عند انتظار شيء كبير، وإنجاز عظيم، وعمل كبير من شخصٍ أو مؤسسة أو جماعة أو أيّ أحد، ولكن في المقابل لم يخرج منهم شيءٌ مفيد، ولم يكن الإنجاز بقدر الجهد والوقت الذي بذل من أجله.

كطالبٍ يلهم الجميع أنّه يسهر الليالي وأنّه يدرس الكثير، ويقول بأنّه لم يترك كتابًا ولا ملخصًا إلّا درسه، وأنّه متابع جيد لدروسه، ثم إذا جاء آخر العام رأيناه يتوّج قائمة الرسوب؛ ذلك لأنّ كل ما كان يوهم به الجميع من جهد هو ليس بجهد، بل هو تمثيل أنّه قام بجهدٍ ما.

كثيرة هي المؤسسات والشركات التي تتمخض فئرانًا، تسمع لها ضجيجًا إعلاميًا، والكثير منّا يتحدث عنها، تعلن عمّا سوف تقوم بعمله وليس ما قامت بإنجازه، الأقوال أكثر من الأفعال، فيبدو للجميع أنّ خلية نحل تعمل في داخلها، وهي في الأصل فارغة الجوهر، حتّى إذا أعلنت عن نشاطٍ كبير أو حفل عظيم حسب مسمياتها، يظهر الفأر فجأة، تظهر ضحالة الإنجاز الذي ما كان إلّا فقاعات هوائية.

القمم العربية رغم تتابعها وتواليها، إنّ تغير رأس يتغير رأسٌ واحد وباقي الرؤوس كما هي ، ويأمل المواطن بشيءٍ جديد في كل قمة، لأنّ الأرض والواقع قد تغير، ومستجدات كثيرة قد حدثت، فالمتوقع أن يكون هناك تغيير في اجتماعاتهم وقممهم، وتبدأ القمة وتعقد ليوم ويومين وثلاثة، وينتظر المواطن القرارات الكبيرة، والمواقف العظيمة، ثم تعلن كل دولة قراراتها التي لا تتجاوز الحبر على الورق، ولا تعطي قيمةً للحبر الذي كتب بها، فيخرج الفأر مرةً أخرى كما خرج كل مرة، بعد مخاضٍ كبير للجبل دام ليالٍ طوال، لم يخرج منها إنجاز حقيقي، إلّا إنجاز بملامح الفأر صغير.

في حياتنا اليومية نقابل أشخاصًا تنطبق عليهم هذه المقولة كثيرًا، ونحاول جاهدين ألّا نكون مثل هؤلاء الأشخاص، فنحاول قدر الإمكان تقليل الكلام والفقاعات الإعلامية، والتوجّه قدر الإمكان إلى العمل والجد الحقيقي، وليس الجد الظاهر فقط على شبكات التواصل الاجتماعي، أنا ها هنا أعمل وأشعر بالتعب، وفي الحقيقة لا يوجد أدنى جهدٍ أو عملٍٍ يذكر.

كي لا نقع في فخ تمخض الجبل الضعيف، الذي لم يجد إلّا الفأر كي يخرجه، يجب أن ننجز الكثير ونتحدث القليل، عندها ستتغير المقولة، وستصبح تمخض الجبل فأنجب جبلًا، أو ربما أنجز سلسلة جبال عملاقة، هكذا يقاس الإنجاز وتقاس الجهود المبذولة.

1,437 مشاهدة