قوم تبع في القرآن الكريم
أورد الله تعالى في كتابه الحكيم ذكر العديد من الأقوام الغابرة ممّن كانوا عبرةً لمن خلفهم، ومن هذه الأقوام قوم تبع الّذين ذكروا في غير موضع من كتاب الله، ومن ذلك ما ورد في سورة الدخان. قال تعالى: (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ).
تبع هو لقب يُطلق على من دانت له بلاد اليمن من شبه الجزيرة العربية، وهو الّذي جمع بين ملك كلٍّ من سبأ، وحمير، وحضرموت، أما من ملك واحدةً من هذه المناطق فلا يطلق عليه لقب تبع. استمدّ اسم تبع من الظل؛ فالظل يتبع الشمس، والملك أيضاً يتبع الشمس، أي إنّه ينطلق في كلّ مكان تُشرق عليه الشمس للغزو، والحرب.
عاقبة قوم تبع
قوم تبع هم قوم أسعد الحميري، المُكنّى بأبي كرب، والملقّب بتبع حسب أقوال المؤرّخين والمتخصّصين، وقد كان لهذا الملك سلطان عظيم، وكان ذا شأن، فقد بلغ ملكه مبلغاً عظيماً، وأعطاه الله تعالى ما منعه عن غيره. اختلف العلماء في تبع هل كان ملكاً أم نبياً؟ فهناك من ذهب إلى أنه نبي، وهناك من قال بأنه ملك.
ممّا يُقال عن تبع أنه لم يكن مسلماً ثم هُدي إلى طريق الحق -بفضل الله-، وأنّه كان يدين بدين موسى -عليه السلام-، فقد عاش قبل أن يبعث رسول الله عيسى -عليه السلام-، كما يُقال أيضاً أنّه ذهب إلى مكة حاجاً، وأنّه كسا الكعبة المشرفة بالحرير، وعظم البيت الحرام. ممّا ذُكر عنه أيضاً أنه مرّ بيثرب فقيل له إنّها المدينة التي سيهاجر إليها النبي الخاتم، فعظمها أيضاً، وقال شعراً في رسول آخر الزمان محمّد -صلى الله عليه وسلم-.
في الحديث عن قوم تبع فقد قيل بأنّهم سبأ، وقد أُهلكوا بالسيل العرم الذي ذكره الله تعالى في كتابه الكريم، وتحديداً في سورة سبأ. قال تعالى: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ)، وقد قال عدد من المفسرين إنّ الله تعالى سلط على سد المياه الجرذ، فنُقب السد، وفاضت مياهه إلى أسفل الوادي، فدمّرت مظاهر الحياة هناك، ودمرت المباني، فذهب النعيم الذي كانوا فيه، وسلبهم الله تعالى كل شيء في لحظة.
كما أورد بعض المفسرين أنّ الهلاك لم ينل تبعاً نفسه؛ بل نال قومه فقط، وهذا يقتضي أنه قد نجا، وهناك من ذهب من المؤرخين إلى أنّ بني تبع هم أمراء حملان، وذلك بناءً على ما ورد في النقوش.