محتويات
الحكومة الائتلافية
إنّ الحكومة الائتلافية هي عبارة عن حكومة مشكلة من حزبين سياسيين أو أكثر، تجمعهم مصالح سياسية أو رؤى فكريّة متقاربة، ويمكن أن يكون تحالف تلك الأحزاب ناتج عن وضع أملاه السياق السياسي، على الرغم من الاختلاف الجذري بين الشركاء في المرجعيّة الفكرية، وفي هذه الحالة عادةً ما يخضع التشكيل الحكومي لمجموعة من المفاوضات الشائكة والعسيرة، ويتم من خلالها تقديم مجموعة من التنازلات قد تكون مؤلمة في بعضها.
تداعيات ودواعي تشكيل الحكومة الائتلافية
دواعي تشكيل الحكومة الائتلافية
يتفق العديد من الباحثين والمتخصصين في العلوم السياسية على ارتباط الحكومات الائتلافية بعدم الاستقرار السياسي، ولا يقصد هنا الاضطرابات التي تنشأ نتيجة صراعات مسلحة أو غيرها، ولكن التدافع السياسي الذي يثمر في غالبية الوقت تشتت نزعة الرأي العام التي تكون غالبة، بحيث أنه لا يمكن لأي حزب تشكيل حكومة بشكلٍ منفرد، ويصل هذا التشتت في بعض الأحيان إلى حد لا يمكن لأي قطب سياسي متجانس -يسار أو يمين- من تشكيل الحكومة، وعلى الأغلب ينتج هذا الواقع عن سخط وغضب شعبي دفين، وينعكس هذا السخط في بروز اتجاهات أخرى كالوسط وأقصى اليسار وأقصى اليمين، ويهدف تشكيل الحكومة الائتلافية لضمان الأغلبية البرلمانيّة المساندة للحكومة، لتمكينها من تنفيذ البرنامج السياسي الذي يتطلّب عادةً تمرير القوانين داخل البرلمان بموافقة الأغلبية.
تتميز الحكومات الائتلافية تتميز بتمكنها من النظام البرلماني، وليس الرئاسي أو شبه الرئاسي، ويرجع هذا الأمر إلى حتمية توفر الأغلبية البرلمانية في الحكومة، على العكس من النظامين الرئاسي وشبه الرئاسي الذي يعطي للرئيس صلاحيات واسعة، بحيث تمكنه من إنجاز الجزئيّة الأهم من البرنامج السياسي دون الحاجة إلى الحصول على موافقة الأغلبية البرلمانية.
تُدفع القوى السياسية في الحكومات الائتلافية في بعض الحالات للتحالف نتيجة أوضاعٍ استثنائيّة تحياها الدولة، كالحروب أو الأزمات الاقتصاديّة الخانقة، أو نتيجة اضطرابات يمكن أن تهدد وحدة الدولة واستقلالها، ويطلق على الحكومة الائتلافية في هذه الحالة اسم (حكومة وفاق وطني) أو (حكومة وحدة وطنية).
تداعيات الحكومات الائتلافية
بعتبر اللجوء لتشكيل حكومة ائتلافية بشكلٍ أو بآخر نتيجة فشل سياسي يحول دون الحصول على الأغلبية المطلقة، حتى لو كانت الطبيعة للخريطة السياسية في بعض الأحيان لا تسمح بذلك، إضافة إلى أنّ االنظام الانتخابي والتقطيع يمكن أن يحولا بشكل بنيوي دونه، وهنا يصبح لا بدّ من نشكيل حكومة ائتلاف.
تبرز العديد من التحديات للحزب الذي تمّ تكليفه بتشكيل الحكومة، حيث يجب عليه التوفيق بين أكثر من جهة سياسيّة يمكن أن تكون متضاربة فيما بينها، وفي الوقت ذاته تتباين مع موقف الحزب، ويملي هذا الأمر على الحكومة تحقيق قدر من المرونة، وتفديم مجموعة من التنازلات للشركاء، وهنا يجد الحزب نفسه مضحياً ببرنامجه الانتخابي، وذلك لأجل قيام التحالف الذي لا يضمن استمراريته، ويعتبر هذا الأمر نوعاً من الإكراه السياسي الذي تفرضه الضرورة للتوفيق بين مواقف الشركاء في هذا الائتلاف، وبعدها يخضع هذا الائتلاف لسقفٍ زمني لا يكفي في أغلب الأحيان لتعميق التشاور والحوار حول عدد من القضايا التي يكون الاختلاف في تفاصيلها المعقدة والشائكة، والتي يمن أن تتسبب في انهيار حكومة الائتلاف.