سرعة البديهة في الرد

كتابة - آخر تحديث: ٠:٢٠ ، ١٣ نوفمبر ٢٠١٤
سرعة البديهة في الرد

كانت الفصاحة قديماً ولا زالت من أهم الأركان الأساسية لأي ثقافة عربية ، فقد كان الرجل قديماً يثنى عليه لفصاحة لسانه ، حيث أن هذا الأمر دلالة على قدرة الرجل الفائقة على التركيز والتفكير العميق ، كما أنها دلالة على أن هذا الرجل لا يقف عاجزاً أمام أصعب المشاكل التي تواجهه ، وأنه يستطيع السيطرة على جميع الأمور التي يواجهها بفضل حكمته وبراعة لسانه ، الأمر الذي يكون بمثابة ضربة قاضية للشخص الذي يتحداك في موقف ما ، كما أنها تنهي نقاشاً أنت لا تريد أن تكمل فيه ، حيث أن فن الرد يعني إسكات الخص الذي أمامك ، أو إقناعه بالحجة والدليل ، بحيث لا يستطيع أن يقول شيئاً فيما بعد .


كان الناس قديماً يستخدمون هذه الموهبة في المشاركة في علم المناظرات ، وهي عبارة عن تحدي بين اثنين بحيث أن أحدهم لا يستطيع مجاراة الآخر في الكلام ، فيصمت ، كما أن الشرط الأساسي هو أن يستخدم الطرفين ردود قوية ومقنعة، ويجلس الجمهور مستمعاً بمثل هذه المناظرة ، كما أنها كانت تقام على أعلى المستويات ، وكانت تقام في جميع المجالات ، سواء الأدبية أو العلمية ، إضافة إلى ذلك كان يشارك فيها نخبة من أفضل الرجال الذي يمتلكون مثل هذه الميزة والموهبة .


وحملت كتب التاريخ لنا أفضل الأمثلة على مثل هذه المواقف ، ومنها أن نابليون بونابرت سئل يوماً ، عن أن الطباخ أفضل بكثير من الأديب والشاعر ، حيث أن الطباخ يطهو الطعام الذي نستمتع في تناوله أكثر من الاستمتاع الذي نجده في كلام الشعر والأدب ، فكان رد نابليون أن الكلاب تعتقد ذلك أيضاً ، فما كان من الرجل إلا أن صمت ولم يتكلم بكلمة بعد ذلك .


من أجل هذا كانت سرعة البديهة في الرد فناً ولا زالت أيضاً فناً يرغب الجميع في احترافه ، حيث أنها تغني الانسان عن الكثير من الأمور التي لا يريدها ، كما أنها تغني عن الكثير من الحوارات التي لا نفع منها ، كما أن الشرط الأساسي في مثل هذه الصفة أن يتم تزويدها بالقليل من الصدق والأمانة ، وأن تكون أخلاق الانسان المتحدث عالية ، فلا يجرح شخصاً في كلماته من أجل إسكاته ، كما ألا يتعدى على أحد في طريقة كلامه ، من أجل عدم خلق المشاحنات .


وقد تم تقسيم سرعة البديهة في الرد إلى نوعان ، منها ما هو على شكل دفاع عن النفس ، حيث أن الدفاع عن النفس بواسطة الكلام يكون أفضل بكثير من الدفاع عن النفس من خلال الضرب والمشاجرات ، أما النوع الآخر فهو على شكل إبداء ملاحظة فكاهية على موقف طريف حدث بصورة عفوية أمامه ، كما أننا نرى هذا الأمر كثيراً على التلفاز وفي البرامج الإخبارية ، فيتم استضافة اثنين ذوي آراء مختلفة ، ويتم التحدث ، ويقوم كل شخص بالرد على الآخر بطريقة لبقة ولكن مع المحافظة على تغيير الفكرة التي يفكر بها الشخص الآخر ، وإيصاله إلى الفكرة الصحيحة .

1,649 مشاهدة