تتنوع الحِرف التي يعمل بها العديد من الناس، فمنهم من يعمل في قطاع الزراعة، وآخر في قطاع التجارة أو الصناعة، وهناك من يعمل في الوظائف الحكومية أو الخاصة، ولكن هناك قاعدة عريضة من المجتمع تعمل كعمّال في المباني أو في المصانع، وهؤلاء كغيرهم يعملون على نيل حقوقهم كاملة، وقد سعوا لتحقيق ذلك على مرّ الزمن، وقاموا بالعديد من الثورات للحصول على هذه الحقوق، وأقاموا نقابات خاصة بهم، تطالب لهم بحقوقهم في حالة هدم حقّهم ممن يعملون عنده.
كيف لا، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال: (أعطِ الأجيرَ أجرَه قبل أن يجفَّ عرقُه)، وقد أقيمت لهذا الغرض مكاتب تدعى مكاتب العمال، يقوم العمال فيها بتسجيل أنفسهم رسميّاً وتسجيل أماكن عملهم، فهؤلاء العمال الذين يعملون عن طريق مكتب العمل، يضمن لهم حقوقهم في حالة حدوث نزاع عمل بينهم وبين صاحب العمل.
وتكريماً للعمال؛ فقد خُصص يومٌ للاحتفاء بهم، في الأول من أيّار من كلّ عام، ويكون من حقّهم في هذا اليوم عطلة رسميّة مدفوعة الأجر، وليس هذا فحسب؛ فالعمّال فئة مهمة في المجتمع، فهم من يعمّر المباني المختلفة ويشيّد العمران في أبهى صورة تسرّ الناظر، وتجعل منه مكاناً يشعر الإنسان حياله بالعظمة والارتياح، إضافة إلى العمل في المصانع والمزارع، وغيرها من الأمور بجدّ واجتهاد وإخلاص.
وللعمال دور بارز في شقّ الطرق الواسعة، والعمل على رصفها وإصلاحها بطريقة بديعة، لدرجة أنّ مَن يسير عليها يشعر بالارتياح والامتنان لجمالها، خاصة أنّهم أصبحوا يحتفون بمناظرها، فيزرعون الورود كجُزُرٍ بها، تسرّ قلب من يمرّ بالمكان، والأشجار على جوانبها التي تريح النفس بمرآها، وتلطّف حرارة الجو وتنقّيه؛ خاصّة أنّ السيارات التي تمرّ به، تعمل على تلويث البيئة، فكأنما وُجدت هذه الأشجار لهدفين، هما: إسعاد المارّة، وتنقية الجوّ وتلطيفه لهم.
كما يعمل بعض العمّال في المزارع التي تنتج العديد من الخضراوات والفواكه، والتي تمثّل دعماً للاقتصاد الوطني، واكتفاءً ذاتيّاً من الإنتاج الزراعي، خاصّة وأنّ مُزارعيهمْ وعمّالهم يبتعدون عن الكيماويّات في المنتوجات الزراعية، ممّا يشجّع الإقبال على منتوجاتهم.
وينقسم العمال إلى قسمين في العادة: قسم من سكّان البلد الأصليين، وقسم من خارج البلاد؛ حيث تكون الدولة بحاجة إلى عمالة وافدة من الدول الأخرى؛ تكون ذات مهارة عالية في العمل؛ لتدريب كادر عمّالي من عمّالها والوصول بهم إلى مستوى عالٍ من الدقة في العمل، والسعي الحثيث لإبراز مواهبهم الخلّاقة في مختلف المجال، فطوبى للعمّال في كلّ مكان، على ما يقدّموه من جهد عظيم في بناء المجتمع، يدفعنا جميعاً للانحناء أمامهم إجلالاً وتقديراً لدورهم البنّاء في المجتمع.