مملكة سبأ
بسطت مملكة سبأ نفوذها في منطقة اليمن القديم في الفترة ما بين 1200 قبل الميلاد وحتى عام 275م، وهي إحدى الممالك العربية القديمة الفيدراليّة، وكانت تضم كل من مملكة معين ومملكة قتبان ومملكة حضرموت، وبرزت هذه المملكة بشكل واضح في القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، وتُعتبر من أكثر القبائل قوّة في منطقة اليمن القديم، وتمتّعت هذه المملكة بنظام سياسيّ فيدرالي، وأسست مستعمرات لها بالقرب من المناطق العراقيّة والفلسطينيّة.
اشتهرت مملكة سبأ وشعبها أيضاً بالثراء الفاحش، وانعكس ذلك بما أظهرته الأدبيات الكلاسيكيّة التي تعود أصولها إلى اليونانيّة والبيزنطيّة والعبرية والعربيّة، وتمركزت الأهمية الكبرى لشعوب مملكة سبأ في المنطقة المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، إذ كانت تعدّ ممراً تجارياً ومركزاً لتسيير القوافل التجارية التي تنقل بعض الصادرات كالبخور والتوابل العطريّة، وجاء ذكر مملكة سبأ في الكتب السماويّة جميعها، إذ جاء ذكرها في القرآن الكريم في قصة زيارة ملكة سبأ إلى نبي الله سليمان عليه السلام.
نظام الحكم
شهدت مملكة سبأ عدة أنواع من أنظمة الحكم التي سادتها في فترة قيامها، وكان أولها الحكم العشائريّ إذ حكم الكهنة المنطقة، ثم انتقل شكل نظام الحكم إلى ملكي حيث تم تأسيس المملكة على يد كربئيل وتر بعد أن زعم بتلقيه أمراً إلهيّاً من الآلهة التي كانوا يعبدونها في تلك الفترة بشن الغزوات وسيطرت خلالها المملكة الحديثة النشأة على مصادر البخور واللبان، وبسطت نفوذها على المنطقة المطلة على أثيوبيا، ثم انتقل نظام الحكم ليصبح فدراليّاً.
الفن والعمارة
اشتهرت المدن اليمنيّة القديمة ببنائها بشكل مستطيل، وتُعتبر من أكبر المدن اليمينة القديمة مدينة هجر، كما امتازت المدن بإحاطتها بالأسوار وقيام أبراج أربعة في كل مدينة، كما أنها تقفل وتفتح مع غياب وشروق الشمس بواسطة أبواب متقابلة فيها.
استعان السبأيون بالرخام في بناء الأعمدة في القصور، وكما صقلوا الصخور، وتنتشر الزخرفة على جدران المنازل ذات الدلالات الدينيّة، وكما تم العثور على أثار زيتيّة تم استخدامها في التخفيف من حدة الرطوبة ومنع تسرب المياه إلى داخل البيوت من خلال طلاء فجوات الحجارة بها.
الاقتصاد
ارتبط اقتصاد مملكة سبأ ارتباطاً وثيقاً بالنشاط الزراعيّ، ثم بالتجارة، وسجل السبئيّون القوانين الخاصة بالزراعة والتجارة، وما يتعلق بها من أمور على صخور كبيرة الحجم، وإذا كانت ذات علاقة بالتجارة فإنّها تُعلّق على مداخل الأسواق، أمّا إذا ارتبطت بالضرائب والمزروعات فإنها توضع في المعابد.
وحظي الجانب الزراعيّ بالاهتمام البالغ في عهد مملكة سبأ، فاستعاضوا عن فقر منطقتهم للماء ببناء مستعمرات تمتد على طول الطريق التجاري، وكما تحظى اليمن بهطول مطري أكثر من أي منطقة أخرى من مناطق شبه الجزيرة العربيّة، فاستغلوا ذلك ببناء السدود وتجميع مياه الأمطار والسيول ليتم توجيهها إلى المناطق الزراعيّة، ومن أشهر وأقدم هذه السدود سد مأرب، إذ كان يزوّد أكثر من ثمانية وتسعين ألف كيلومتر مربع بالماء.