الحج، عبادةٌ عظيمة، وركنٌ مهم من أركان الإسلام الخمسة، وهو فريضة تأخذ بيد صاحبها إلى الجنة، وقد أعدّ الله سبحانه وتعالى لعباده الذين يؤدون فريضة الحج ثواباً وأجراً عظيماً، إذ يُعيدهم أنقياء طاهرين كيوم ولدتهم أمهاتهم، بريئين من كلّ السيئات والذنوب والخطايا، وتكمن عظمة الحج في أنّه يساوي بين الفقير والأمير، ويوحّد لباسهم، ويجعلهم جميعاً متوجّهين إلى نفس الغاية، مبتهلين إلى الله تعالى أن يغفر لهم ويرحمهم ويتقبّل منهم، ويفرح المسلمون بعد أدائهم الطاعة في العيد، وكأن عباد الله حين اجتمعوا لأداء فريضة الحج، اجتمعوا أيضاً ليكونوا على موعدٍ مع فرح العيد.
فرض الله سبحانه وتعالى الحج في أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، هذه الأيام العظيمة التي أقسم الله سبحانه وتعالى بلياليها بقوله جلّ وعلا في سورة الفجر(وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الفجر:1،2]، فكل ما يتعلق بالحج يعتبر من الأمور العظيمة المقدسة التي تقرب إلى الله تعالى وتجعل الروح تسمو إلى بارئها، حيث يُصادف اليوم التاسع من ذي الحجة يوم وقفة عرفات، اليوم الذي يستجيب الله تعالى فيه لعباده، فيمنحهم من خيري الدنيا والآخرة، وفي اليوم التالي الذي يلي يوم عرفة العظيم، يأتي يوم الجائزة، وهو يوم عيد الأضحى المبارك، وهو أوّل أيام التشريق في الحج، حيث يبدأ الفرح بذبح الأضحيات وإعلان مظاهر العيد المبارك.
عيد الأضحى المبارك، أو كما يطلق عليه المسلمون اسم العيد الكبير، يكثر فيه الخير، ويفرح فيه الفقراء بتوزيع لحم الأضحيات عليهم، ففيه توزع لحوم الأنعام من أغنامٍ وأبقارس وإبل تقرباً لله تعالى، فيا لها من فرصةٍ عظيمةٍ يمنحها الله تعالى لعباده المؤمنين كي يتقربوا إليه ويغفر لهم ذنوبهم عاماً بعد عام، ففي أول دفقةٍ من دم الأضحية، يغفر الله سبحانه وتعالى لصاحب الأضحية، كما أنّ له بكل شعرة من بدن هذه الأضحية حسنة، والله يضاعف لمن يشاء، فعيد الأضحى المبارك هو عيد الفرح والسرور بين جميع المسلمين، خصوصاً من أدوا فريضة الحج، أو سنة الأضحية، وهو أيضاً عيد الأجر العظيم، والحسنات الكثيرة، والعبادات التي لا تُؤدى إلا فيه، وللعيد أجواء الفرح التي لا تتبدل أبداً ولا تتغيّر مهما قست الظروف، وتبدّلت الأعياد، فتبادل الزيارات بين الأقارب، والجيران، والأصدقاء، وغيرها من صلة الأرحام، وتوزيع العيديات ولحوم الأضاحي عليهم، ما هي إلا مظاهر ثابتة وباقية ببقاء العيد، لأنها تنشر مظاهر الفرح والبهجة والسرور في القلوب، وتعلق الأرواح بالعبادات، وتجعل النفوس تأوي إلى خالقها وتطلب منه مزيداً من الخير والفرح والأجر العظيم.