يعيش في عالمنا الواسع الملايين بل المليارات من الأشخاص المختلفين في أطباعهم، وصفاتهم، وعقائدهم، ودياناتهم.وغيرها من تلك الاختلافات والتناقضات التي تكوّن أرقاماً لا تعد ولا تحصى تحيط بهذا العالم، ويمكن القول بأنّ هؤلاء الأشخاص استطاعوا رغم جميع الفروقات التي يحملونها أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ منه.
الفرد الواحد ضمن وطنه وبيئته وبين أفراد مجتمعه وعائلته المكوّنة من أفرادٍ آخرين غيره يختلف اختلافاً تاماً عنهم؛ إذ إنّ هذا الشخص قد يتمتع بصفاتٍ وأطباعٍ سواء أكانت سلبية أم إيجابية تميّزه وتترك له آثاراً عند غيره من أفراد عائلته، إلا أنّه مهما تعددت واختلفت تلك الصفات يجب أن يبقى الإنسان محايداً وموضوعيّاً في جميع ظروف حياته.
أسباب تواجد مشاعر الخوف والوسواس لدى الانسان
عندما نشاهد حياتنا وحياة غيرنا نرى بأننا جميعنا بمختلف أجناسنا وأعمارنا ومكانتنا الاجتماعيّة والعملية تمر علينا الكثير من المواقف في حياتنا التي تجعلنا نتخذ ردوداً بأفعالنا عنيفة كانت أم هادئة، كما ونعزو تلك الردود بقساوتها أم ببساطتها لنشأة كل إنسان ولبيئته التي خرج منها، بالإضافة للظروف الحياتية التي مرّ أو يمر بها؛ حيث إن صعوبة الحياة وما نشهده في زمننا الحاضر من ظروفٍ ومعوّقات مختلفة يتعايش معها الفرد في وطنه بدءاً بالفقر والبطالة وصولاً للقتل والسرقة وانتهاءً بالمشاكل المحيطة بنا من دول أشقائنا المهجّرين نتيجة الحروب والعنف وغيرها من الأسباب التي جعلت وأجبرت الإنسان "الضعيف" لأن يستسلم وتتواجد لديه مشاعر الخوف والوسواس والقلق من كل شيء يحيط به، هي جميعها ليست وليدة اليوم بل متواجدة منذ أعقاب السنين وعلى مرّ الأزمان والعصور.
لا يمكن إلقاء اللوم فقط على الأسباب سابقة الذكر وحدها في حدوث الخوف والوسواس؛ بل توجد الكثير من الأسباب التي تكمن وراء زرع مشاعر الخوف والوسواس في الإنسان لعل من أهمها نشأة وتربية الإنسان منذ ولادته ضمن مسار غير مؤهل لأن يكون إنساناً ناجحاً، متحدّياً جميع الصعاب التي من الممكن أن تجعله إنساناً ضعيفاً وهشاً قابلاً في أي وقت وأي لحظة لانهزامه وانكساره، بالإضافة لجعله إنساناً يحمل في داخله مشاعر الأنانية والعدوانية التي تمكّنه من القيام بأفعال وحشية لا تمتُّ لشخصه بصفة، كل ذلك يأتي عكس الإنسان المنشئ ضمن بيئة مستقيمة بعاداتها وتقاليدها تنبع منها التربية الصحيحة على الأخلاق الحميدة أوّلاً، والجد والاجتهاد لزرع الثقافة والعلم لديه ثانياً؛ فالإنسان الذي تتوافر لديه تلك البيئة يخرج للمجتمع كنعصر فعّال وناجح يستطيع من خلال صفاته المكتسبة أن يضيف لحياته ولمجتمعه إضافةً مميّزة تجعله قدوةً لغيره من الأشخاص.