القرآن الكريم
القُرآن الكريم كتابُ هدايةٍ وتشريع وإعجاز، وقد أنزلهُ الله على رسولهِ مُحمّد عليهِ الصلاةُ والسلام ليكونَ دُستوراً يهدي بهِ الناس ويضعُ لهُم الأحكام التي تُنظّم حياتهم العامّة والخاصّة وقد جاءت بعضُ آياتِ القُرآن الكريم والسور الكريمة بناء على أحداث تنزّلت فيها هذهِ الآيات والسور حتّى تكونَ تشريعاً للناس من بعد، وهذا ما يُسمّى بأسباب نُزول آيات القُرآن الكريم، وفي هذا المقال سنتحدّث عن أسباب نزول إحدى السور القُرآنية الكريمة وهي سورة الأنفال.
سورة الأنفال
هي إحدى السور المدنيّة التي أنزلها الله تعالى على رسولهِ الكريم عليهِ الصلاةُ والسلام بعد غزوة بدر الكُبرى، وتعني الأنفال الغنائم التي يتم اقتسامها بعد الظفر في المعركة، وتتميّز هذهَ السورة بمخطابتها وندائها للمؤمنين في مواضع كثيرة، كما بيّنت للمُسلمين شروط الحرب والسلم وتقسيم الغنائم وغير ذلك من الشؤون الحربيّة التي تفرّدت بها هذه السورة من دونَ غيرها، وقد تناولت سورة الأنفال قصّة غزوة بدر بكلّ تفاصيلها وخُصوصاً أنّها من أهمّ الغزوات التي شهدها العالم الإسلاميّ، إذ إنّها المواجهة الأولى بين الحقّ والباطل وبين الإسلام والكُفر، وكانت نتيجتها أن نصرَ الله فيها نبيّه ومن معهُ من المؤمنين نصراً مُوزّراً.
سبب نزول سورة الأنفال
نزلت سورة الأنفال بعد غزوة بدر الكُبرى حتّى إنَّ بعض الصحابة قد لقّبها بسورة بدر، نظراً لعظيمِ ما جاءَ فيها عن هذهِ المعركة الفاصلة، وقد نزلت بدايات سورة الأنفال وهي التي يقولُ فيها الله تباركَ وتعالى: (يسألونك عن الأنفال قُل الأنفالُ للهِ والرَّسولِ فاتّقوا الله وأَصلحوا ذاتَ بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كُنتم مؤمنين) لتبيّن للمؤمنين أنَّ ما غنمهُ المُسلمون من الأنفال بعدَ المعركة هوَ لله ورسوله يُقسّمه بما يراه، وليسَ لأحدٍ أن يغلّ قبل أن توضعَ الغنيمة كاملةً من دونَ نقصان، وذلك عقب ما كانَ من طلبِ سعد بن أبي وقّاص رضيَ الله عنه حين انتهت غزوة بدر أن يأخذَ سيفاً أعجبهُ فطلبهُ من النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم، فقالَ لهُ رسولُ الله عليهِ الصلاةُ والسلام: (رُدَّهُ من حيثُ أخذته) وأعاد سعد الطلب من رسولِ الله صلّى الله عليهِ وسلّم فأعادَ عليه رسولُ الله صلّى الله عليهِ وسلّم الجواب نفسه، وكانَ بعدها أن أنزلَ الله في الأنفال هذهِ الآية الفاصلة.
وفي بقيّة آيات سورة الأنفال ما نزلَ أيضاً في غزوة بدر كمُعالجة قضية الأسرى في الإسلام وكذلك قصّة اشتراك الملائكة عليهم السلام في القتال مع المؤمنين في الغزوة، وغير ذلك من آيات السورة التي كانَ سببُ نزولها في إطارها العامّ غزوة بدر الكُبرى.