أهمية حفظ القرآن الكريم بالتجويد
يعدّ حفظ القرآن الكريم من أجلّ العبادات وأعظمها، وهي نعمةٌ خصّ الله عزّ وجلّ بها أهلها بخصائصَ وفضائلَ عديدةٍ في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم ثواباً جزيلاً في الجنة، ولمّا كان حفظ القرآن يتطلّب معرفة اللفظ الصحيح القويم الذي لا عِوَج فيه كان علم التجويد السّبيل للقيام بذلك، فهو الأساس في تعلّم حسن الأداء و النطق الصحيح للحروف ومعرفة ما يُفسد معناها، وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده رضوان الله عليهم على قراءته وحفظه مرتّلاً مجوّداً امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )[المزّمل:٤]، فكانوا لا يحفظون القرآن إلّا بإتقان تلاوتهم وتحسينها ومعرفة الأحكام.
أجمع علماء القراءة والتجويد على أنّ صاحب الحفظ الذي يخلّ فيه بمبنى الحروف ومعناها آثمٌ؛ لأنّ ذلك ممّا يغيّر و يفسد معنى الآيات، فالواجب أن يكون حفظ القرآن الكريم بالطريقة التي حفظه بها الرسول صلى الله عليه وسلم كما أُنزل عليه، وفد قال ابن الجزريّ في منظومته:
والأخذ بالتجويد حتمٌ لازم
- من لم يجوّد القرآن آثم
لأنّه به الإله أنزلا
- وهكذا منه إلينا وصلا.
علم التجويد
يقال جاد جوّد يجوّد، إذا جاد الشيء فهو جيّد، وهو انتهاء الغاية وبلوغ النهاية في الإتقان والتحسين، و نعني بعلم التجويد العلم الذي يبحث في كيفية النطق بالحروف بطريقةٍ صحيحةٍ وإعطاءها حقها، ودراسة مخارج الحروف وصفاتها اللازمة وكلّ ما يَعرِض لها من أحكامٍ في الوقف، والابتداء، ووصل القراءة وقطعها، والهدف من ذلك كله الوصول إلى أفضل درجات التحسين والإتقان في قراءة القرآن الكريم وتلاوته دون تكلّفٍ أو تعسّف.
يشمل علم التجويد أحكام النون الساكنة والتنوين، والميم الساكنة والتنوين، ومخارج الحروف وصفاتها اللازمة والعارضة، وأوجه الوقف والابتداء، وأحكام المدود بأنواعها، والتفخيم والترقيق وغيرها، ولهذا العلم جانبان: جانبٌ نظريّ يُعنى بمعرفة الأحكام وقواعدها ومدارستها وحفظها وحكمه فرض كفاية، وجانبٌ عمليّ يكون بتطبيق القواعد والأحكام التجويدية في قراءة القرآن الكريم وتلاوته وحكمه الوجوب العيني على كلّ قارئ.
حفظ القرآن الكريم بالتجويد
- أوّل ما يبدأ به طالب الحفظ في مسيرته هو حسن الإقبال على القرآن الكريم، والإلحاح على الله عزّ وجلّ بأن يسهّل له أمره ويفتح على قلبه من أنوار بركات كتابه العزيز.
- يستمع الطالب إلى وِرد الحفظ المطلوب منه من شيخٍ مُتقنٍ لأحكام التجويد في تلاوته.
- يكرّر ما سمعه بالتلقين أكثر من مرّةٍ إلى أن يحفظه عن ظهر قلب مراعياً التجويد في قراءته كما سمعه من الشيخ.
- يَحسُن بطالب الحفظ إن لم يكن على درايةٍ بأحكام علم التجويد أن يلتحق بأحد المساجد أو المراكز ليتعلّمها، أو كبديل أن يحرص على مشاهدة مقاطع الفيديو لأصحاب هذا العلم الذين يشرحون فيها كثيراً من أحكام التجويد بأساليب وتقنياتٍ حديثة سهلة الفهم؛ وهذا من فضل الله علينا أن يسّر لنا سُبُل التعلّم.
- ينبغي على الطالب أن يتّخذ له معلماً يعرض عليه قراءته وحفظه، فيصحّح له الأخطاء الجليّة (بالحركات والإعراب)، والأخطاء الخفيّة (بأحكام التجويد).
- يداوم على التكرار والتدريب المستمر لأحكام التجويد؛ لأنّ ذلك من أهمّ العوامل التي تساعد على الحفظ.
- يقرأ المحفوظ في الصلوات النوافل فهذا يزيد تثبيت الحفظ وترسيخه في الذهن.