ما تبقى لكم ، هي اسم رواية للأديب الفلسطيني ( غسان كنفاني ) ، وهي التجربة الثانية للأديب في عالم الرواية ، وقبل الحديث عن الرواية سأتحدث باختصار عن الأديب غسان كنفاني ، وهو من مواليد عكا عام 1936م ، صحفي وقاص وروائي ، اغتيل في بيروت عام 1972م، وكان يبلغ من العمر 36 عاماً ، وذلك عن طريق تفجير سيارته.
عرف عن كنفاني تناوله لمواضيع النضال والتحرر الفلسطيني، نزح مع عائلته عام 1948 ، وأقام في سوريا ، ومن ثم أقام في لبنان ، وحصل على الجنسية اللبنانية ، لم يكمل دراسته الجامعية ، حيث انقطع عن دراسة الأدب العربي في جامعة دمشق في سنته الدراسية الثانية ، عمل في مهنة التدريس الإبتدائي في دولة الكويت ، ليعود بعدها للعمل في لبنان .
كتب رواية ما تبقى لكم بعد تجربته الأولى ( رجالٌ في الشمس ) ، وهي محاولة للخروج من الذات إلى الفعل ، ومن همومه الشخصية التي أشار لها بدلالاتٍ عامة ، إلى هموم شخصية منشقة عن هموم العامة .
تتحدث الرواية عن أسرةٍ فلسطينية من غزة ، نحت إلى غزة من مدينة يافا بعد أن استولى اليهود على المدينة ، وأدى هذا النزوح إلى تشتت الأسرة وتفتتها ، الشخصية الرئيسية في الرواية هو ( حامد ) ، واحدٌ من الشباب الذين يمثلون فلسطين ، والذين كابدوا مأساة النزوح عام 1948م ، لم يستوعب حامد تلك الأحداث لسرعة حدوثها ، وكانت الشخصية الثانية ( مريم ) شقيقة حامد ، ضاعت أحلامها وآمالها وأموالها بضياع أرضها ، ودخلت إلى حياة المعاناة والشقاء التي فر ضت عليها بفعل النزوح .
الشخصية الثالثة هو الخائن زكريا ، وهو من دل الجنود الصهاينة على مكان سالم ، وقام باستغلال غياب حامد عن البيت لينقض على مريم ويغتصبها ، وانتهى به الأمر إلى أن قتل على يد مريم الحرة الطاهرة ، وهنا يظهر كنفاني بأن المرأة الفلسطينية هي رمزاُ للأرض وصورة لفلسطين عندما تثور وتغضب .
لم تأخذ الرواية الشكل التقليدي بتطور الأحداث وتسلسلها ، بل بنيت على حدث تتقاطع فيه الأمكنة والأزمنة وتتوافق وتتوازى تلك الأحداث ، قام كنفاني بخلق شخصيات روايته بعد ملاحظته الدقيقة لأنماط سلوك ونفسيات الأشخاص العاديين الذين يراهم ويتعامل معهم في يومه العادي ، واستطاع غسان إلباس تلك الشخصيات ثوب الخلود في الساحة الأدبية العظيمة ، لأن تلك الشخصيات تجاوزت صفحات النقد ليتحدث الناس عنهم وكأنهم أشخاص حقيقيين كانوا بالفعل معهم .