محتويات
نظرة إلى سورة القصص وفضلها
تُعتبر سورة القصص سورة مكية باستثناء آية أو آيتين نزلتا في المدينة المنورة، حيث تحتوي السورة على خصائص السور المكية في ذكر القصص والأمم السابقة ومواجهة المشركين وتحدّيهم، وظهور الأنبياء والمرسلين على أعدائهم بعد الضعف والأذية، وهي السورة الثامنة والعشرون في ترتيب القرآن الكريم، وعدد آياتها ثمان وثمانون باتفاق أهل العد جميعاً،[١]وقد قال بعض أهل العلم أن بها آية كريمة نزلت على الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو مهاجر من مكّة إلى المدينة، حيث نزلت عليه في مكان يُسمّى رابغ، فأصبحت بذلك الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي تُعتبر مكية مدنية فقد نزلت بينهما، وهي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).[٢][٣]ولم يرد في فضل السورة أي حديث صحيح، بيد أنّه ذكر أن مجموعة من النصارى قدموا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو في مكة، عندما برز خبره في الحبشة، فقرأ عليهم من القرآن الكريم ودعاهم إلى الإسلام، فامتلأت أعينهم بالدموع وآمنوا به وصدّقوه، فقيل أنّه نزلت فيهم آية (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ).[٤][٥]
تسمية السورة
من المعلوم أنّ العرب كانوا يسمّون الأشياء بما ورد بها من أمور نادرة، من خلال اختيار كلمة معينة أو اشتقاق فيها، فقد كانوا يسمون القصائد الشعرية على تلك الصورة، أما وإن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين فقد جاء على سنن العرب في الخطابة، فجاءت أسماء سوره على ذلك، حيث أن سورة القصص سُمّيت بذلك لاحتوائها على لفظ القصص،[٦]إلّا أن هناك من يرى أن سورة القصص كان لا بد لها أن تُسمّى بسورة موسى لذكرها قصته عليه الصلاة والسلام، وذلك أسوة بسورة نوح وهود ويوسف، وبالأخص أن السورة لم تذكر سوى قصة موسى، وأن إسم القصص أولى أن يذهب لسورة يوسف لذكر لفظ القصص بها مرتين، أو لسورة هود وذلك لأنّها اشتملت على ذكر قصص سبعة أنبياء وليس على قصة نبي واحد.[٧]
محور السورة
جاء محور سورة القصص في التأكيد على الرسالة السماوية، والتي تنزلّت على نبي الله محمد صلّى الله عليه وسلّم، كما أكّدت على كلام الله الحق والذي نزل على عبده ورسوله محمد ألا وهو القرآن الكريم، في حين جاء تفصيل ذلك من خلال ذكر قصة سيدنا موسى عليه السلام منذ طفولته حتى شبابه ووصوله إلى مدين، ثم تقوم السورة ببيان قصة عودة نبي الله موسى والأحداث التي رافقته بعد ذلك في مواجهة فرعون، وبسلاسة سرد القصص تنتقل السورة إلى إقامة الحجج والبراهين على صدق رسالة محمد عليه الصلاة والسلام، ومن ثم تعود على ذكر قارون والذي بغى على قوم موسى وهو منهم، بعد أن بينت السورة الكريمة الظلم الذي تعرّضوا له من أناس لا ينتمون إلى قومهم، وعند الوصول إلى نهاية السورة تجد أنها تقوم بتوجيه وتربية خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أتم الصلاة وأتم التسليم.[٨]
أهداف السورة ومقاصدها
إن من أبرز أهداف سورة القصص هو التنويه إلى إثبات قدرة الله عز وجل، وحفظه ورعايته للمؤمنين، فهو صاحب الحكم والقضاء والمتفرَد فيهما، ودلالات ذلك حفظه لنبيه موسى عليه السلام الذي كان وحيداً وضعيفاً فنجّاه الله جلّ وعلا من فرعون وجنوده حيث أهلكهم كما أهلك قارون وقومه،[٩]في حين أنّها اشتملت على العديد من المقاصد، منها أن عناية الله وحفظه هي الحقيقة الثابتة، فقوّة فرعون وجبروته لم تُغنيه من الله شيئاَ، فموسى عليه السلام ذلك الطفل الرضيع الضعيف لا بدّ أنّه ظاهر بقوة الله فوق سلطان فرعون وجبروته، فالآمان يكون بمخافة الله والبقاء بجواره، وعلى المؤمنين التمعّن بقصة نبي الله موسى عليه السلام ومقارنتها بحالهم وحال أعدائهم، كما تُشير السورة الكريمة إلى عدم الإعتزاز بالمال، فهو لا يُغني عن الله وضُرب في ذلك قارون مثالاً، فعند سيادة الشر والفساد وضعف الخير والصلاح تأتي في نهاية المطاف قدرة الله وعظمته في وضع حداً لذلك، ومن المقاصد أيضاً مواجهة المشركين بعلم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، على الرغم من أنّه لا يُجيد القراءة ولا الكتابة، حيث تحدّاهم بالقرآن الكريم وإعجازه، كما أن الله تعالى لا شك ناصر لعبده ورسوله ومُظهره على الشرك والمشركين ومُعيده إلى بلده مكّة بعد أن هاجر منها.[٥]
دروس مهمة في السورة
تحمل سورة القصص في طياتها العديد من الدروس المهمة، والتي على المؤمن أن يتعامل معها بهدف الحصول على الفوائد المتوفرة بها ومنها:[١٠]
- الإستعانة في أوّل الأمر وآخره تكون بالله جلّ وعلا وحده، كما استعان نبي الله موسى عليه السلام بخالق الكون بعد أن تقطّعت به السُبل.
- عدم خروج النساء من بيوتهن إلّا للحاجة والضرورة كالعلم والعمل، فالحاجة هي ما دعت الفتاتين للخروج من أجل السقاء.
- الإبتعاد عن الإختلاط بين النساء والرجال لما له من أضرار، ودلالة ذلك ابتعاد الفتاتين عن الناس وتأخّرهما في السقاء حتى ينتهي الرجال فلا تختلطان بهم.
- مساعدة المحتاج في كل ظرف، وهذا ما فعله موسى عليه السلام عند مساعدة الفتاتين، على الرغم من الضعف الذي كان فيه، حيث كان يأكل أوراق الشجر لمدة سبعة أيام في سفره من مصر إلى مدين.
- التزام المرأة بالحياء في كل تعاملاتها في الحياة، فالحياء هو زينة المرأة وجمالها.
- أهمية الزواج وفضائله، فقد صبر موسى عليه السلام ثمانية سنوات في العمل واعتبار ذلك كمهر للفتاة حتى يتزوجها.
المراجع
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، قطر: الشبكة الإسلامية، صفحة 2، جزء 164. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 85.
- ↑ محمد المنتصر الكتاني، تفسير القرآن الكريم، قطر: الشبكة الإسلامية، صفحة 2، جزء 143. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 52.
- ^ أ ب "مقاصد سورة القصص"، articles.islamweb.net، 2014-11-9، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.
- ↑ محمد مطني، سورة القصص دراسة تحليلية، صفحة 6، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ ابن عادل (1998)، اللباب في علوم الكتاب (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 212، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوّى (1424 هـ )، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 56-58، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420 هـ)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 212-213، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ نسيم إسماعيل الديسي (5-4-2016)، "وقفات مع سورة القصص"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.