الصيام
يعرف الصيام اصطلاحاً بأنّه الامتناع عن كل ما يفطر لمدةٍ معيّنةٍ من اليوم، من وقت الفجر حتى وقت الغروب، ويشترط في الصيام إسباق النية له، حيث لا يقبل الصيام من غير النيّة.
أمّا صوم رمضان فهو رابع أركان الإسلام، الّتي فرضت على المسلمين، وهذه الأركان هي: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً"، فلا بد للمسلم من نطق الشهادتين ليدخل الإسلام، ولا بد له من الصلاة لأنّها واجبة ولا يمنعها شيءٌ.
أمّا الزكاة فتجب عليه عندما يبلغ ماله النصاب، أما الركن الرابع فهو فرضٌ وواجبٌ بإجماع كل الأئمة؛ وهذا الركن هو الصيام الذي يجعل المسلم يشعر بأخيه المسلم الفقير والمحتاج. هنا في هذا المقال سنبيّن فوائد الصيام الاجتماعية.
حكم الصيام
هناك عدة أنواعٍ من الصيام، هي:
- صوم النافلة، وهو سنّةٌ يؤجر الآخذ بها ولا يؤثم تاركها، مثل صوم الإثنين والخميس وصوم الأيام الأولى من شوال وغيرها الكثير.
- صوم قضاء النذر، وهو واجبٌ لقضاء النذر الذي يأخذه الإنسان على نفسه.
- صوم رمضان، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو فرضٌ وواجبٌ على كل مسلمٍ ومسلمةٍ ممّن بلغ سنّ الرشد، وكان عاقلاً، وإذا كان هناك ما يمنع صيام المسلم من مرضٍ أو إجراء عملياتٍ جراحيةٍ صعبةٍ، أو كان الصيام يعود على جسمه بأضرار لوجود بعض الأمراض عنده، فعندها يخرج المسلم كفارةً عن عدم صيامه، وهي إطعام المساكين، ففي كل يومٍ يفطره يخرج ما مقداره وجبة لأحد المساكين.
أدلة مشروعية الصيام
- قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].
- قال تعالى:(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].
فوائد الصيام الاجتماعية
- النظام:
في الأيام العادية يكون الطعام والشراب متاحاً أمام الإنسان في كل الأوقات، ولكن في شهر رمضان ينتظم الأكل والشرب في كل بقاع الأرض، فلا يأكل ولا يشرب أحدٌ قبل أذان المغرب، حيث يمتنع الجميع عن كل ما هو مفطرٍ من وقت الفجر إلى وقت الغروب، مهما كان الجو حاراً، وهنا تظهر قوة الدين عند المسلم فيتغلب على العطش والجوع، وينتظر انتهاء النهار وسماع أصداء الأذان من كل المآذن، ليبدأ بالإفطار.
- المساواة والشعور بالآخرين:
يساوي الصيام بين الغني والفقير في الامتناع عن الطعام والشراب من وقت الفجر إلى وقت المغرب، فلا يوجد صيام خاصٌ بالأغنياء وآخر بالفقراء، بل هو صيامٌ واحدٌ موحدٌ يساوي بين الجميع دون تمييزٍ.
عندما يمتنع الغني عن الطعام والشراب لهذا الوقت الطويل من اليوم فهو حتماً سيشعر بمعاناة الفقير الّذي لا يجد الطعام دوماً، وبهذا سيساعد الغني الفقير ويعينه على أعباء الحياة، وسيصبح هناك توزيعٌ جديدٌ للأموال؛ لأنّ رمضان فيه صدقاتٌ وزكاة أموالٍ وهباتٌ كثيرةٌ، وهذا يعين الفقراء ويرفع من مستوى معيشتهم قليلاً.
- توحيد الأفراد وحل الخصامات:
الصيام يجمع كل أفراد العائلة على وجبة الإفطار، على خلاف الأيام الأخرى الّتي يأكل فيها كلٌ منهم على حدة، ففي رمضان تجتمع الأفراد، وتجتمع الأسر أيضاً في العزائم، وتحل فيه الخصامات لأنّ التجمعات والتواصل يزيل كل حقدٍ أو بغضةٍ من أنفس المسلمين الأقارب، وأيضاً يجتمع المسلمون كل يومٍ بعد العشاء لأداء صلاة التراويح فيقفون صفاً واحداً، الكتف بالكتف، فإذا كان هناك خصامٌ بين اثنين فسيزول تدريجياً نتيجة رؤيتهم لبعضهم كل يوم وأداء الصلاة معاً وفي نفس الصف، وبذلك يكون رمضان هو الوحيد الّذي يجمع العائلة معاً ويوحدهم، ويحثهم على التعاون.