محتويات
تعريف الشرط
يُقصَد بالشرط: الأمر المُستقِلّ عن الشيء، والذي لا يصحّ العمل، ولا يُقبَل إلّا به، مثل الوضوء؛ فهو شرطٌ من شروط صحّة الصلاة، وليس رُكناً من أركانها؛ فالرُّكن جزءٌ من الشيء لا ينفكّ عنه، مثل: الركوع في الصلاة؛ إذ إنّه جزءٌ منها، وكذلك السجود، والقيام، فهذه الأجزاء أركانٌ؛ لأنّها جزءٌ أساسيٌّ من الصلاة، أمّا الوضوء فلا يُعَدّ رُكناً؛ لأنّه مُنفصلٌ عن الصلاة؛ فالوضوء أمرٌ، والصلاة أمرٌ آخر، إلّا أنّ الصلاة لا تصحّ دون الوضوء؛ إذ إنّ كلّاً من الرُّكن والشرط من ضروريّات قبول الأعمال،[١] وتجدر الإشارة إلى أنّ الشرط لا يلزم من وجوده الوجود؛ فالوضوء لا يلزم بالصلاة، بخِلاف الرُّكن الذي يُشترَط من وجوده الوجود، كالركوع الذي يلزم من وجوده وجود الصلاة.[٢]
شروط الصيام عند المذاهب الأربعة
شروط الصيام عند الشافعيّة
اشترط الشافعيّة للصيام عدّة شروطٍ، وهي:[٣]
- الإسلام: فالمسلم مُطالَبٌ بالصيام، ويُحاسَب عليه في الآخرة.
- التكليف: ويُقصَد به البلوغ، والعقل؛ فغير المُكلَّف لا يُطالَب بأيّ تكليفٍ من التكاليف الشرعيّة.
- الخُلوّ من الأعذار المانعة من الصيام أو المُبيحة للإفطار: والأعذار المانعة من الصيام، هي: الحيض، والنفاس، والإغماء، والجنون على أن تكون طوال اليوم؛ فإن أفاق للحظةٍ واحدة من نهار رمضان، فلا بُدّ له من الإمساك بقيّة اليوم، أمّا الأعذار المُبيحة للإفطار، فهي: المرض الشديد، ويكون واجباً إن كان المرض يُؤدّي إلى الهلاك، كما يُباح الإفطار بسبب السفر الطويل الذي لا تقلّ مسافته عن ثلاثة وثمانين كيلومتراً، على أن يكون السفر مُباحاً، ويستغرق يوماً كاملاً، ولا يجوز الإفطار بسبب السفر أثناء النهار، ويُباح الإفطار أيضاً حين العَجز عن الصيام؛ فلا يجب الصيام على مَن لا يقدر عليه، أو المريض مرضاً مُزمِناً؛ لقَوْل الله -تعالى-: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).[٤]
شروط الصيام عند الحنفيّة
اشترط الحنفيّة للصيام عدّة شروطٍ، بيانها فيما يأتي:[٥]
- شروط وجوب الصيام، وهي:
- الإسلام؛ إذ إنّ الصيام عبادةٌ للمسلم.
- العقل؛ فلا يجب الصيام على المجنون، أو الصغير، أو المُغمى عليه؛ لِما ورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثة ٍعن النائمِ حتى يستيقظَ وعن الطفل ِحتى يحتلِمَ وعن المجنونِ حتى يبْرَأَ أو يعقِلَ).[٦]
- البلوغ؛ فلا يجب الصيام على الصبيّ المُميّز، ويصحّ منه إن صام.
- العلم بوجوب الصيام؛ فيُعذَر الجاهل بالصيام إن نشأ بعيداً عن الإسلام، والمسلمين، ولا يُعذَر العالم بوجوب الصيام.
- شروط وجوب أداء الصيام، وهي:
- السلامة من المرض؛ لقوله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).[٤]
- الطهارة من الحيض والنفاس؛ فلا يجب الصيام على المرأة الحائض، والنفساء.
- الإقامة.
- شروط صحّة الصيام، وهي:
- النيّة؛ إذ لا تصحّ العبادة دون النيّة، وتتحقّق النيّة بالعزم على الصيام، وقَصْد القلب، ولا يُشترَط التلفُّظ بها باللسان؛ لِما ثبت في صحيح البخاريّ من أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[٧]
- الخُلوّ من المُفسِدات؛ ويتمثّل ذلك بعدم الإفطار عَمداً بأيّ مُفطِرٍ من المُفطِرات، كالجِماع، أو وصول شيٍ إلى الجوف، أو القيء.
شروط الصيام عند المالكيّة
فرّع المالكيّة شروط الصيام إلى: شروط وجوبٍ، وشروط صحّةٍ، وشروط وجوبٍ وصحّةٍ، وتفصيل كلٍّ منها على النحو الآتي:[٨]
- شروط وجوب الصيام، وهي:
- البلوغ؛ فالصبيّ لا يُؤمَر بالصيام، حتى وإن كان مُميّزاً.
- القدرة على الصيام؛ فالعاجز لا يجب الصيام عليه.
- شروط صحّة الصيام، وهي:
- الإسلام؛ إذ إنّ المسلم مُخاطَبٌ بأوامر الشريعة الإسلاميّة.
- النيّة؛ فلا بُدّ من النيّة في الصيام؛ لتتميّزَ العبادة عن العادة، ويُسَنّ للصائم التلفُّظ بها.
- الزمان الذي يصحّ فيه الصيام؛ فلا يصحّ صيام يوم العيد على سبيل المثال.
- شروط وجوب وصحّة الصيام، وهي:
- العقل؛ فلا يجب الصيام على المجنون، أو المُغمى عليه، كما لا يصحّ منهما إن صاما.
- الطهارة من الحيض والنفاس؛ فالحائض والنفساء لا يجب عليهما الصيام، ولا يصحّ منهما، بل يجب عليهما بالطهارة من الحيض والنفاس ولو تحقّقت قبل الفجر بلحظةٍ واحدةٍ، ويجب عليهما قضاء ما أفطرتاه.
- ثبوت دخول شهر رمضان؛ فلا يجب الصيام ولا يصحّ قبل دخول رمضان.
شروط الصيام عند الحنابلة
فصّل الحنابلة في شروط الصيام، وبيانها على النحو الآتي:[٩]
- شروط وجوب وصحّة الصيام، وهي:
- الإسلام؛ فلا يجب الصيام إلّا على المسلم.
- العقل؛ فلا يصحّ صيام من أصابه الجنون، أو الإغماء بعد أن عَقد النيّة على الصيام.
- شرط وجوب الصيام، وهي:
- البلوغ؛ فغير البالغ لا يُؤمَر بالصيام.
- القدرة على الصيام؛ فلا يجب الصيام على المريض، أو العاجز؛ إذ إنّ الصيام يشقّ عليهما، ويُجهدهما.
- شروط صحّة الصيام، وهي:
- الطهارة من الحيض والنفاس.
- التمييز؛ فلا يصحّ صيام غير المميّز.
- عَقْد النيّة على الصيام من الليل.
آداب الصيام
يُستحسَن أن يتحلّى المسلم بعددٍ من الآداب المُتعلِّقة بالصيام، ويُذكَر منها:[١٠]
- السُّحور؛ لِما فيه من بركةٍ وتقويةٍ على الصيام؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً).[١١]
- تعجيل الإفطار، والدعاء حين الإفطار؛ بقَوْل: (ذهب الظمأُ، وابْتلَّت العروقُ و ثَبَتَ الأجرُ إنْ شاءَ اللهُ).[١٢]
- الابتعاد عن كلّ ما يُنافي الصيام؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ).[١٣]
- السِّواك؛ إذ يُستحَبّ للصائم استخدام السِّواك في أيّ جزءٍ من النهار؛ سواء أوّل النهار، أو آخره.
المراجع
- ↑ أبو اسحاق الحويني، دروس للشيخ أبي اسحاق الحويني، صفحة 7، جزء 61. بتصرّف.
- ↑ محمد حسن عبدالغفار، تيسير أصول الفقه للمبتدئين، صفحة 5، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 79-81، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية: 184.
- ↑ نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 129. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2/279، إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 496-497، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد القادر التغلبي (1983)، نَيْلُ المَآرِب بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 271-273، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد المنعم بن حسين (2007)، أحكام الصيام والقيام وزكاة الفطر (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الصفا، صفحة 24-29.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1923، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع العضير، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6571، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1903، صحيح.