التقويم التربوي
من ناحية تربوية يمكن القول أن المعلم الجيد لا يُطلق الأحكام المطلقة على الطلبة، ولكنه يقوّم تحصيلهم الدراسيّ، حيث يعتبر ذلك التحصيل الدراسي -لكل طالب على حدة- كتغذية راجعة تمكنه من تحسين العملية التعليمية، وبالتالي تحسين نتائجها، حيث إنّ تقويم الخطأ ليس كمثل الحكم عليه.
مفهوما التقويم التربوي
وهناك مفهومان للتقويم التربوي أولهما يعتمد على الطرق التقليديّة أو الطرق الشائعة للتقويم (وهي الطرق القديمة)، والآخر يعتمد على المنهج التربويّ الحديث للتقويم، وهما كما يأتي:
- التقويم التقليدي: وهو تقويم يقيس التحصيل الدراسي للطالب من خلال قياس مهارات ومفاهيم بسيطة لديه، وهو تقويم يكون الطالب فيه هو محور التقويم ولكنه لا يشارك في تقويم نفسه بنفسه، حيث يكون على شكل اختبار أو امتحان ورقي مكتوب يتم إعطاؤه لولي أمر الطالب.
- التقويم الواقعي: وهو تقويم يقيس شخصيّة الطالب بشتى جوانبها، حيث يجمع البيانات المختلفة عن الطالب، وذلك باستخدام استراتيجيّات وأدوات تقويم متعددة دون الاكتفاء بالامتحان المكتوب حتى ينمي المهارات الحياتية الحقيقية للطالب، وينمي المهارات العقلية العُليا لديه حيث يشارك الطالب بتقويم نفسه. وهو تقويم يركز على العملية التعليمية نفسها بقدر ما يركز على نتائجها، في حين أن التقويم التقليديّ يركز على النتائج فقط.
أساليب التقويم التربوي
وتختلف الأساليب باختلاف وقت القيام بالتقويم، وتشمل الأساليب المختلفة للتقويم التربوي:
- التقويم القبلي: وهو عبارة عن عمليّة تقويم تحدث قبل البدء بتنفيذ عملية التدريس، وتهدف هذه العملية إلى كشف وقياس مهارات الطلبة ومعارفهم وذلك قبل كل وحدة من البرنامج الدراسي، وبالتالي يساعد هذا النوع من التقويم على قياس تأثير البرنامج الدراسي خطوة بخطوة أو وحدة بوحدة.
- التقويم التكويني: ويُعتبر التقويم التكويني عملية تقويم تقوم على منهج منظّم، وهو يحدث خلال عملية التعليم وأثناءها، وهو يهدُف إلى تزويد المعلم والطالب بتغذية راجعة، وهو يساعد على تحسين عملية التعليم والتعلم في أثناء حدوثها.
- التقويم الختامي: وهو يحدث في نهاية الموقف أو العملية التعليمية، ويمكن فيه إعطاء قيمة رقمية أو لفظية أو غيرها تبيّن مقدار إنجاز الطالب وتحصيله العلمي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المعلم الجيد يستخدم الأسلوب التقويميّ المناسب في المكان المناسب، كما يمكنه استخدام أسلوبين أو الثلاثة مجتمعة، حيث يعتمد اختيار الأسلوب المناسب على نوع المعلومات المُراد قياس تحصيلها وكما يعتمد على كميّة المعلومات، وعلى الغرض أو الهدف المُراد تحقيقه، فقد يكون الغرض منه هو تعديل الخطط والبرامج الدراسية أو قد يكون لأغراض تصنيف الطلبة أو غيرها من الأغراض.
أدوات التقويم التربوي
هناك أدوات مختلفة يتم عمل التقويم من خلالها، ويعتمد اختيار الأداة المناسبة على أسلوب التقويم المُتبع، ويعتمد أيضاً على المعلم نفسه، وتشمل أدوات التقويم:
- قائمة الرصد وتسمى أيضاً قائمة الشطب: وهي عبارة عن قائمة بأفعال أو سلوكيّات يرصدها المعلم أثناء تنفيذ مهمة تعليميّة معينة، حيث يستجاب على فقراتها باختيار إحدى كلمتين (صح أو خطأ) أو (نعم أو لا). ويكون على شكل جدول مكوّن من ثلاثة أعمدة يحتوي العامود الأول السلوك أو الفعل المُراد تقويمه، وإلى جانبه عامودان بكلمتي نعم ولا، ويختار المعلم إحدى الكلمتين بناءً على ما يراه من الطالب، ويتم عمل نسخ من قوائم الرصد بعدد طلاب الفصل. وهي أداة تقيس وجود المهارة من عدمها لدى الطالب.
- سلم التقدير: وهي أداة تقيس مدى مهارة الطالب في تنفيذ مهمة معيّنة أو مقدار ما اكتسبه من مهارة معيّنة، فهي تشبه قائمة الأفعال والسلوكيات التي في قائمة الرصد، ولكنها بدلاً من إجابة كل من فقراتها (بنعم أو لا) فإنها تجيب برقم أو لفظ يُعبّر عن مدى تدني أو ارتفاع تحصيل هذه المهارة. ويمكن أن يكون سلم التقدير عددياً فيجاب على فقراته برقم من 1 إلى 5 ، حيث يكون 1 للتعبير عن عدم اكتساب المهارة، ويكون 5 هو اكتسابها وإتقانها إتقاناً تاماً، كما يمكن أن يكون سلم التقدير لفظياً فيجاب على فقراته بكلمات مثل سيئ، جيد، جيد جداً، ممتاز، أو غيرها من الكلمات التي تناسب المهارة التي يتم قياسها.
- سجل وصف سير التعلم: وهو عبارة عن سجل أو دفتر يكتب فيه الطالب مواضيع إنشائيّة أو عبارات حول بعض الأشياء التي قرأها وتعلمها أو شاهدها أو مر بها، سواء في حياته الخاصة أم في الفصل، ويمكنه التعبير عن آرائه بحرية في هذا السجل، وهو يُعد بذلك استراتيجية لمراجعة الذات حيث يحتفظ الطالب بالسجل معه، ويجمع المعلم السجلات من الطلبة كل فترة بشكل دوريّ حتى يقرأها ويُعلّق عليها بشكل إيجابي وبنّاء، وهي تساعده بتقدير مستوى الطلبة وفهم ومعرفة ما يجول في بال كل واحد منهم، وبالتالي تقويمهم بشكل أدق.
- السجل القصصي: وهو يشبه إلى حد ما سجل وصف سير التعلم، ولكنه سجل يحتفظ به المعلم (ويكون لديه سجل خاص منفرد لكل طالب)، ويسجل فيه ما يفعله الطالب والحالة التي تمت عندها الملاحظة، ويحتوي السجل على ملاحظات المعلم عن سلوك الطالب وفروضه المدرسية وملاحظاته عن الأنماط المتكرّرة لديه مبيّنة بالمكان والتاريخ، ويتم تسجيل الأحداث فيه بطريقة وصفية. ويُعدّ السجل القصصي أداة تقويم حديثة تساعد على تقويم الطالب تقويماً واقعيّاً بشمل جميع النواحي المختلفة لتحصيله المعرفيّ، ويمكن استخدامه لأغراض تنبئيّة أو إرشاديّة أو غيرها من الأغراض. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا السجل يأخذ وقتاً في الإعداد حيث يتم عمله على مدى فصل دراسي كامل ولا يمكن استخدامه في عمل تقويم سريع وآني للطالب.
ولاحظ أنّه لاستخدام أدوات التقويم بأفضل طريقة ممكنة، يجب على المعلم أن يجزئ المهارة أو المهمة إلى مجموعة من المهارات أو المهام الأصغر حيث يتم تقويم وقياس كل منها على حدة بشكل دقيق.