العقيدة الإسلامية
إنّ العقيدة لغةً مأخوذة من العقد؛ وهو الشّد والرّبط بقوّةٍ، وتُعرّف العقيدة اصطلاحاً بتعريفين: الأوّل هو تعريف العقيدة العامّ، والثّاني تعريف العقيدة الإسلاميّة؛ أمّا التعريف العامّ: فالعقيدة هي ما يعقد عليه الإنسان قلبه بشكلٍ لا يحتمل الشّك أو الرّيب، وأمّا العقيدة الإسلاميّة: فتعرّف بالإيمان الجازم بالله تعالى، وملائكته، ورُسله، وكتبه، واليوم الآخِر، والقدر خيره وشرّه، والإقرار بربوبيّة الله تعالى، وألوهيّته، وأسمائه، وصفاته، وأصول الدّين، وأمور الغيب الواردة في النصوص الشرعيّة الصحيحة.[١]
أهميّة العقيدة الإسلاميّة
إنّ للعقيدة الإسلاميّة أهميّةً كبيرةً؛ حيث إنّ ترسيخ الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه يؤدّي إلى توجيه السّلوك والقيم والمبادئ، بالإضافة إلى تحقيق العبوديّة لله تعالى، من خلال توحيده في ألوهيّته، وربوبيّته، وأسمائه وصفاته، وممّا يدلّ على أهميّة العقيدة الإسلاميّة:[٢]
- غالباً ما كانت تبدأ دعوة الأنبياء والرسل بترسيخ العقيدة والإيمان، كما قال الله تعالى: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ فَمِنهُم مَن هَدَى اللَّهُ وَمِنهُم مَن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ)،[٣] وكذلك كان منهج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في دعوته، حيث بدأ في مكة المكرّمة بالدعوة إلى الإقرار بوحدانيّة الله تعالى، وتوحيد العبادة له، ثمّ استمرّت تربيته للصّحابة -رضي الله عنهم- على العقيدة ثلاثة عشر عاماً، وممّا يدلّ على ذلك قول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (إنّما نزل أولّ مَا نزل مِنه سورةٌ مِنَ المُفَصّل؛ فيها ذكرُ الجنّةِ والنّار، حتّى إذا ثابَ الناسُ إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أولّ شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزْنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبداً).[٤]
- ارتباط العمل الصّالح بالعقيدة، وهذا ما دلّت عليه الأصول العقديّة المستمدّة من القرآن الكريم، فلا إيماناً إلّا بالعمل الصّالح، ولا عملاً صالحاً إلّا بالإيمان، ولذلك وعد الله -تعالى- من آمن وعمل صالحاً بأعلى الدرجات في الآخرة، وبالحياة الطيّبة في الدنيا، حيث قال: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ)،[٥] وقال أيضاً: (وَمَن يَأتِهِ مُؤمِنًا قَد عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولـئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ العُلى).[٦]
- العقيدة الصحيحة والإيمان من أعظم الأمور التي تُبعد عن المعاصي والذنوب، فالإيمان بالله -تعالى- يدفع الإنسان إلى استشعار رقابته، ممّا يؤدّي إلى تقوى الله والبُعد عن معصيته، كما أنّ الله -تعالى- يدفع شرّ الشيطان عن المؤمنين المتوكلين عليه؛ حيث قال عن حال الشيطان مع المؤمنين: (إنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطانٌ عَلَى الَّذينَ آمَنوا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ)،[٧] بالإضافة إلى أنّ الإيمان يدفع صاحبه إلى الإسراع إلى التوبة، والإقلاع عن الذنب في حال ارتكابه لمحرّمٍ أو تركه لواجبٍ، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ).[٨]
- للعقيدة الإسلاميّة الصحيحة أثرٌ على علاقة أفراد الأمّة ببعضهم البعض، حيث إنّ العقيدة تحمي من جعل الولاء لغير الله تعالى، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، والمؤمنين، وتدفعهم إلى التكافل، والتضامن، والشعور بالأخوّة الإيمانيّة، بغضّ النظر عن الحدود الجغرافيّة التي تفصل بينهم، أو الطبقيّة، أو الحالة الاقتصاديّة؛ لأنّ ولاءهم، وحبّهم، ومناصرتهم تكون على أساس الأخوّة في الدين، كما قال الله تعالى: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ أُولئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ).[٩]
- العقيدة هي الأساس الذي ينبني عليه جميع فروع الحياة؛ حيث إنّها تبني ثقة المسلم بنفسه، وتدفعه للعمل الجّاد، وللتضحية بالنّفس والمال والجُهد في سبيل المبادىء التي آمن بها، كما فعل السلف الصالح، فانتصروا على أعدائهم، وبنوا حضارتهم.
صلة الأخلاق بالعقيدة
تُعتبر العقيدة الصحيحة من أهمّ الأمور التي تدفع الإنسان للتحلّي بالأخلاق الحميدة، وفيما يأتي بيان ارتباط الأخلاق الفاضلة بالإيمان:[١٠]
- ارتباط الأخلاق بالإيمان بالله تعالى؛ حيث يعتقد صاحب العقيدة أنّ التزامه بالأخلاق الفاضلة، وتركه للأخلاق السّيئة طاعةٌ لله -تعالى- الذي أمره بذلك، وممارستها جزءٌ من إيمانه، وممّا يدلّ على ذلك وصف الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لبعض الأخلاق الحميدة، مثل: إماطة الأذى عن الطريق بأنّه من الإيمان؛ حيث قال: (الإيمانُ بِضْعٌ وسبعون أو بِضْعٌ وستّون شُعبةً، فأفضلُها قول لا إله إلّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطّريق، والحياء شُعبةٌ من الإيمان).[١١]
- ارتباط الأخلاق بالإيمان بالرّسل؛ حيث يلتزم صاحب العقيدة بالأخلاق؛ اقتداءاً بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام، الذي بُعث ليتمّم مكارم الأخلاق؛ وذلك مقتضى إيمانه بنبوّته وأنّه مُبلّغٌ من الله عزّ وجلّ.
- ارتباط الأخلاق بالإيمان باليوم الآخر؛ فالاعتقاد بأنّ الله -تعالى- سيُثيب صاحب الخلق بالأجر العظيم يوم القيامة، وأنّ الأخلاق الفاضلة طريقٌ تؤدّي إلى الجنّة، يدفع إلى الالتزام بها، وكذلك الخوف من العقاب المترتّب على سوء الخلق، والاعتقاد بأنّه قد يكون السبيل إلى النار، يمنع من ممارستها، وممّا يدلّ على ذلك قول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (إنّ مِن أحبّكم إليّ، وأقربِكم منّي مجلساً يوم القيامة، أحاسنَكُم أخلاقاً، وإنّ مِن أبغضِكُم إليّ وأبعدِكُم منّي يومَ القيامةِ الثّرثارون، والمتشدّقون، والمتفَيهِقون).[١٢]
المراجع
- ↑ "تعريف العقيدة الإسلامية، وبيان أهميتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-6-2018. بتصرّف.
- ↑ "مفهوم العقيدة، وأهميتها، وحاجة الطالبات إليها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-6-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 36.
- ↑ رواه البخاريّ، في صحيح البخاريّ، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرّقم: 4993، صحيح.
- ↑ سورة النحل، آية: 97.
- ↑ سورة طه، آية: 75.
- ↑ سورة النحل، آية: 99.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 201.
- ↑ سورة التوبة، آية: 71.
- ↑ "صلة الأخلاق بالعقيدة"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-6-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرّقم: 35 ، صحيح.
- ↑ رواه الألبانيّ، في صحيح الترمذيّ، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرّقم: 2018، صحيح.