محتويات
الدولة المملوكية
أنشأ المماليك في مصر دولتين متعاقبتين؛ واتخذت كلّ منهما القاهرة عاصمةً لها، وهما: دولة المماليك البحرية ومن أشهر سلاطين هذه الدولة: عز الدين أيبك، والمنصور قلاوون، والظاهر بيبرس، وقطز، أمّا الدولة الثانية فهي دولة المماليك البرجية، وقد قامت هذه الدولة على هامش انقلابٍ عسكري قاده السلطان الشركسي برقوق، وقد وقف تيمورلينك بوجه هذا الانقلاب، وتمكن من استعادة ما احتله التتار من مناطق شاسعة في بلاد الشام والعراق.
ينحدر المماليك من سلالة حُكام كلٍّ من مصر والشام والعراق ومناطق واسعة من الجزيرة العربية، وامتدت فترة حكمهم من عام 1250م وحتى 1517م، وهم من أصول آسيوية وسطى، وتكشف سطور التاريخ بأنّ المماليك كانوا عبيداً جاء بهم الأيوبيون، ومع قدوم عام 1250م قويت شوكتهم وزاد نفوذهم حتى بلغوا سدة الحكم، عندها بدأت خطة الأيوبيين باستقدام هذه الفئة من بلدان غير إسلامية وهم في سن الطفولة، ليصار إلى تربيتهم بناءً على قواعد قاسية داخل ثكناتٍ عسكرية معزولة تماماً عن العالم الخارجي؛ ويأتي ذلك سعياً لضمان ولائهم للحاكم.
قيام الدولة المملوكية
جاء تأسيس الدولة المملوكية خلال الفترة التي تلت الحرب بين الفرنجة والأيوبيين، حيث كانت وجهة الفرنجة بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع نحو القاهرة بعد دمياط؛ فأقدم المماليك على جلب ابن الملك الصالح أيوب توران شاه من حصن كيفا، وسلموّه مقاليد والحرب، وانتهت معركة المنصورة بانتصار المماليك ووقوع لويس التاسع بالأسر عام 1250م، إلّا أنّ توران شاه لم يُحسن التصرف مع كبار أمراء المماليك البحرية، فتم اغتياله عند فارسكور وتسلمت السلطة أرملة الصالح أيوب شجرة الدر، وكان ذلك بإسنادٍ من المماليك البحرية وتأييدهم.
أبدى الأيوبيون في الشام والخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد غضبهم وعدم رضاهم عن انتقال السلطة لشجرة الدر وانتزاعها من الأيوبييّن، وقدموا رفضاً بالاعتراف بحكمها، وبناءً على ذلك أقدم الأمراء الأيوبييّن على خطوة تسليم الكرك ومقاليد حكمها للملك المغيث عمر، وتمّ تسليم دمشق للملك الناصر صلاح الدين يوسف الذي تمكن من القبض على مجموعة من أمراء مصر داخل دمشق، وتمكن المماليك بذلك من تجديد حلفهم لشجرة الدر ونُصّب عز الدين أيبك مكانها.
الاعتراف بالدولة المملوكية
عاش المماليك حالة من القلق والارتباك إزاء عدم اعتراف المستعصم بالله والأيوبيين بحكم شجرة الدر، فبدأوا يفكرون بأساليب ووسائل لكسب رضاهم حتّى تُمنح الشرعية التامية لحكم البلاد، فجاءت فكرة تزويح شجرة الدر من عز الدين أيبك ليصار إلى التنازل له عن العرش؛ وبالتالي كسب رضا الخليفة العباسي والأيوبييّن، وبالفعل تمّ ذلك وتنازلت له عن عرش مصر بعد مضي ثمانين يوماً على ذلك.
حمل عز الدين أيبك لقب الملك المُعز بعد تنصيبه؛ وجاء التنصيب في ظل ظروفٍ صعبة جداً تمر بها مصر، حيث كانت تتعرض لغزو العدو الصليبي في تلك الفترة وخاصة منطقتي دمياط والمنصورة، وفي سعي المماليك لإرضاء الأيوبييّن فقد جيء بطفل أيوبي لم يتجاوز السادسة من عمره؛ وقيل بأنّه في سن العاشرة ليتسلم السلطة على البلاد تحت اسم الملك الأشرف مظفر الدين موسى، ولكن أيبك لم يرضَ بأن يكون ذلك الطفل سوى نائب للخليفة العباسي فقط، وأنّ مصر تتبع الخلافة العباسية.
عاشت الدولة المملوكية حالة من التنظيم الإداري الممتاز، حيث تمكن المماليك من الإتيان بألقاب إدارية حديثة ومصطلحات لم يسبق تداولها في مصر من قبل، وعملوا هرماً يشير إلى التسلسل الإداري في الدولة (هرم السلطة) وكان السلطان يتربع على رأس الهرم كرئيس للدولة بتفويض من الخليفة العباسي في القاهرة.
يشار إلى أن المماليك قد نالوا الشرعية بالحكم في مصر بعد أن أقدم الظاهر بيبرس على تولية خليفة غيره على القاهرة، وجاء ذلك بعد أن حوصرت بغداد من قبل التتار، وقتلوا الخليفة العباسي المستعصم بالله خلال ذلك، وبذلك تمركزت السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بيد السلطان بتفويضٍ من الخليفة العباسي.
الدولة العثمانية
تُعرف أيضاً باسم الخلافة العثمانية، كما حملت الدولة العثمانية منذ فجر التاريخ عدة مسميّات؛ من أهمها الدولة العلية العثمانية، وشاعت هذه التسمية في عدد من الدول العربية وخاصة في مصر وبلاد الشام، كما سميت أيضاً بالدولة العثملية، ودولة آل عثمان، والسلطنة العثمانية. كان نظام حكمها خلافي وراثي.، وتعتبر هذه الدولة واحدة من الإمبراطوريات الإسلامية، يرجع تاريخ تأسيسها إلى السابع والعشرين من شهر يوليو عام 1299م على يد عثمان الأول بن أرطغرل، واستمر قيامها لأكثر من ستمئة عام، أي حتى التاسع والعشرين من شهر أكتوبر من عام 1923م.
توسع الدولة العثمانية
بدأت رقعة الدولة العثمانية بالاتساع شيئاً فشيئاً في أرجاء قارات العالم القديم وهي: أوروبا وآسيا وأفريقيا، واستمرت في ذلك حتّى تمكنت من بسط نفوذها على قارة آسيا الصغرى، والأجزاء الغربية من قارة آسيا، والأجزاء الشمالية الأفريقية، وأخيراً الجزء الجنوبي الشرقي من أوروبا، وجاء ذلك خلال العصور الذهبية للدولة العثمانية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وقد ضمت تسعاً وعشرين ولاية تحت رايتها، وبقيت الدولة تحمل سيادة اسمية فقط على عدد من مناطق أوروبا، إلّا أنّه بعد مرور الزمن تمكنت من تفعيل سيادتها رسمياً على بعض المناطق، والبعض الآخر حقق الاستقلال الذاتي عن الخلافة.
شهدت فترة حكم السلطان سليمان الأول القانوني الممتدة من عام 1520 وحتّى عام 1566م ازدهاراً ملحوظاً، حيث أصبحت الخلافة قوة عظمى على الصعيدين السياسي والعسكري، واتخذت في هذه الفترة من القسطنطينية عاصمةً لها، وجاء ذلك لتؤدي هذه العاصمة دوراً هاماً كحلقة وصل بين العالمين الأوروبي المسيحي والشرقي الإسلامي، وبالرغم ممّا بلغته الدولة في عهد هذا السلطان من عصر ذهبي، إلّا أنّها قد باءت بالضعف والتفسخ تدريجياً بعد أن بدأت تفقد ممتلكاتها، ويشار إلى أنّ كافة فترات الانتعاش والإصلاح التي عاشتها الخلافة لم تكفِ لإرجاعها للأوضاع السابقة بعد أن ضعفت وتفسخت.
عوامل ضعف الدولة العثمانية
من أبرز عوامل ضعف الدولة العثمانية هو تنازل السلاطين عن فتوحاتهم، وجاء ذلك على هامش تنازلهم عن عراق العجم للدولة الصفوية، كما ساهم انغماس السلاطين بالملذات بضعف الدولة، كما ساهم استغلال أوروبا لاندلاع الفتن الطائفية داخل الدولة العثمانية بالتدخل لحماية الكاثوليك ومنها فرنسا وبريطانيا على إضعاف الدولة أيضاً، وغيرها من العوامل.
دخلت الدولة العثمانية منذ عام 1908م بدور الانحلال وخاتمة الدولة، حيث تعرضت لتقسيم المناطق الخاضعة للعثمانيين، وبذلك فإنّ هذا العام يعد بمثابة نقطة تحول جوهرية بين عهدي عبد الحميد وتاريخ الدولة العثمانية، حيث سعى السلطان عبد الحميد جاهداً إلى توطيد أواصر نظام الخلافة الإسلامية وترسيخها تحت شعار (يا مسلمي العالم اتحدوا)، وبالرغم من صعوبة المرحلة التي كانت تمر بها الدولة؛ إلّا أنّها الأنجح على الإطلاق في تاريخ الدولة العثمانية.
انتهاء الدولة العثمانية
في الأول من شهر نوفمبر من عام 1922م، انتهت الخلافة العثمانية سياسياً، وفي الرابع والعشرين من شهر يوليو من عام 1923م انتهت كونها دولة قائمة بحكم القانون، إلّا أنّ زوالها النهائي جاء في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر من عام 1923م بعد توقيع معاهدة لوزان، وصادف ذلك العام تاريخ قيام الجمهورية التركية.
صّب العثمانيون جُل اهتمامهم على الأمور المالية لدولتهم وخزينتها، حيث أصبح اقتصادها الأفضل على مستوى الدول الإسلامية السابقة، فأصبحت عواصم الدولة مراكز صناعية وتجارية بغاية الأهمية على مستوى الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية؛ وتمكنوا من استقطاب الصناع والحرفييّن والتجار المهرة للعمل في ربوع ديارهم.
يعتبر السلاطين محمد الفاتح، وخليفته بايزيد الثاني، وحفيده سليم الأول من أكثر السلاطين اهتماماً وعملاً على تنمية الدولة العثمانية اقتصادياً، فشهدت عصورهم أيضاً فتوحات لمناطق شاسعة شملت العالم العربي وأوروبا الشرقية، وتركت هذه الفتوحات أثراً إيجابياً على الاقتصاد العثماني، حيث بدأ أمهر الصناع والحرفييّن بالتوافد إلى عاصمة العثمانيين.