محتويات
محمد عليه الصلاة والسلام
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشيّ، وُلد -عليه الصلاة والسلام- في مكة المكرمة في عام الفيل، وأرضعته حليمة السعدية، ولما بلغ السادسة من العمر تُوفِّيت أمه آمنة بنت وهب، فكفله جده عبد المطلب الذي رعاه وأحسن إليه، ولما بلغ الثامنة من عمره تُوفّي جده، فتولى أمره عمه أبو طالب، وقد عمل خلال شبابه في التجارة وتزوج من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولما بلغ الأربعين من عمره بعثه الله -تعالى- ليدعو الناس إلى توحيد الله تعالى، واجتناب الشرك، وكان أول ما نزل عليه من القرآن الكريم، قول الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ).[١][٢]
آثار الرسول محمد عليه الصلاة والسلام
لم يترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته من متاع الدنيا إلا قليل، مصداقاً لما رُوِي عن عمرو بن الحارث -رضي الله عنه- أنه قال: (ما تركَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عندَ موتِه درهمًا، ولا دينارًا، ولا عبدًا، ولا أَمَةً، ولا شيئًا، إلا بغلتَه البيضاءَ، وسلاحَه، وأرضًا جعلَها صدقةً)،[٣] وقد ثبت فقدان الكثير من آثاره -عليه الصلاة والسلام- عبر العصور السابقة بسبب الفتن والحروب، أو بسبب الضياع، أو بسبب وصية من كان يمتلك شيئاً من الآثار بدفنها معه أو تكفينه بها عند وفاته، ومن الأمثلة على الآثار النبوية المفقودة خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لما رُوِي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: ( اتخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خاتمًا من ورِقٍ، وكان في يدِه، ثم كان بعد في يدِ أبي بكرٍ، ثم كان بعدُ في يدِ عمرَ، ثم كان في يدِ عثمانَ، حتى وقع بعدُ في بئرِ أريسٍ، نقشه : محمدٌ رسولُ الله)،[٤] بالإضافة إلى بردة النبي -عليه الصلاة والسلام- والقضيب المنسوب إليه، اللذين ذكرهما ابن كثير في البداية والنهاية، حيث قال: (وقد توارث بنو العباس هذه البردة خلفاً عن سلف، وكان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه، ويأخذ القضيب المنسوب إليه صلوات الله وسلامه عليه في إحدى يديه، فيخرج وعليه من السكينة والوقار ما يصدع به القلوب، ويبهر به الأبصار)، وقد تم إحراق هذه الآثار على يد التتار عند غزوهم بغداد في أواخر عصر العباسيين، وبالتحديد في سنة 656هـ.[٥]
ومن الآثار المفقودة نعلَين يُنسبان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تم فقدهما في دمشق في سنة 803 للهجرة أثناء فتنة تيمورلنك، وتجدر الإشارة إلى كثرة الإدِّعاء بامتلاك أثرٍ من شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مختلف أنحاء العالم الإسلامي في الآونة الأخيرة، ففي عام 1327هـ، شاع أن في القسطنطينة وحدها ثلاثاً وأربعين شعرة من شعرات النبي عليه الصلاة والسلام، وتُحفظ تلك الشعرات بصناديق وقوارير، ويتم لفها بقطع من الحرير من قبل من يدّعي نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتُخرج مرة واحدة أو أكثر في كل عام وفي مواسم محددة كلَيلة السابع والعشرين من رمضان، وليلة المنتصف من شعبان، وفي الحقيقة أن كل ما يتم ادِّعاءه حالياً من قبل بعض الأشخاص، أو في بعض الأماكن من وجود بعض آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالنعال، أو الشعر، أو غيرها، موضع شك، ولا يصح نسبته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بدليل قاطع يزيل هذا الشك، ولا يخفى أن إثبات ذلك صعب جداً؛ فقد مر أكثر من أربعة عشر قرناً على وجود تلك الآثار، كما قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: (ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم، من ثياب، أو شعر، أو فضلات، قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين).[٥]
آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على البشرية
كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- آثارٌ عظيمة على البشرية جمعاء، حيث أخرج الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، وأعز الله -تعالى- به العرب بعدما اتبعوه وآمنوا به، وأبدل ذلهم وخزيهم ومهانتهم بالعز والسُّؤدد، والمكانة الرفيعة بين الأمم، إذ إن العزة بيد الله وحده يورثها من يشاء من عباده المؤمنين، مصداقاً لقول الله تعالى: (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)،[٦] وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)، ومن آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على البشرية ارتقائه بها إلى الحياة الحقيقية التي تليق بهم كبشر، من خلال الموازنة بين حاجات الجسد وحاجات الروح، إذ لم يُقدّم جانباً على حساب الآخر، بالإضافة إلى تحجيم قِوى الكفر والظلم، من خلال إيجاد قوة للحق وأهله تردع المفسدين في الأرض عند تماديهم، وقد كان لرسول الله -صلى اله عليه وسلم- آثار على كافة الأصعدة والمجالات، كالمجال الديني، والأخلاقي، والاقتصادي، والسياسي، والمجتمعي، وفيما يأتي بيان لتلك الآثار:[٧]
- المجال الديني: كان أثر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العقيدة كبير جداً، فقد كان الهدف من بعثته -عليه السلام- تصويب الانحراف الديني عند الناس، فدعاهم لترك الآلهة المزعومة من أصنامٍ وأحجارٍ وغيرها، وعبادة الله وحده لا شريك له.
- المجال الأخلاقي: فمن أهداف بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إقرار الأخلاق الحميدة التي كانت موجودة عند العرب، وإنكار الأخلاق الرذيلة، مصداقاً لما رُوِي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلقِ)،[٨] وقد تميز عليه السلام بين قومه بحسن الخلق، وكان يُدعى بالصادق الأمين، وشهد بعظم خلقه ربه -عز وجل- حيث قال:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٩]
- المجال السياسي:أنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحكام الجاهلية الظالمة الجائرة، واستبدلها بحكم الشريعة الإسلامية، فانعكس ذلك على حياة الناس بالعدالة، والإنصاف، والتقدم، والرقي، والاستقرار، وأسّس عليه السلام مبدأ الشورى لإدارة شؤون الدولة فيما لم يرد به نص صريح، مما أدى إلى القضاء على الاستبداد بالرأي والديكتاتورية.
المراجع
- ↑ سورة العلق، آية: 1-4.
- ↑ "السيرة النبوية للأطفال"، www.alukah.net، 17/12/2014، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2019م. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمرو بن الحارث، الصفحة أو الرقم: 2739، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5873، صحيح.
- ^ أ ب " هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر؟"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-1-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المنافقون، آية: 8.
- ↑ "آثار الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على البشرية"، www.majles.alukah، 10/5/2010، اطّلع عليه بتاريخ 3/1/2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 24/333، صحيح.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.