محتويات
الاستعاذة من الشياطين
كرّم الله -تعالى- الإنسان، وفضَّلَه على المخلوقات جميعها؛ بأن خصّه بالعقل، وجعله قادراً على التفكير والاختيار؛ ولذلك كلَّفَه بفِعل الواجبات، وترك المعاصي، وعلى الرغم ممّا يتميّز به الإنسان من العقلانية، إلّا أنّه قد يتعرّض لوساوس الشيطان، وقد يتأثّر بها، الأمر الذي شُرِعت الاستعاذة من الشيطان بسببه، أمّا الشياطين في رمضان، فقد ورد في فضائل شهر رمضان ما يتعلّق بها، وبيان ذلك في ما يأتي:[١]
هل هناك شياطين في رمضان
أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من فضائل شهر رمضان تصفيد الشياطين فيه، وهي رحمة للمسلمين؛ لأنّ ذلك سبب في العافية من شرورهم، ووساوسهم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ)،[٢][٣] وهذه خصيصة عظيمة من خصائص شهر رمضان، تُتيح للعبد الفرصة للتوبة من ذنوبه والقُرب من ربّه بلا تأثير أو وسوسة من الشيطان،[٤] وتصفيد الشياطين هو: رَبط الشياطين، وتقييدها، وجَعل الأغلال عليها.[٥]
حكمة تصفيد الشياطين في رمضان
يتيحُ تصفيد الشياطين المجالَ أمام المسلم؛ ليعود إلى ربّه، ويتوب إليه؛ فإن كانت الشياطين هي القيود التي تأسره عن الطاعة في السنة كلّها، فهي تُصفَّد في رمضان، ويتحرّر منها المسلم، ممّا يسمح له بالانطلاق في رِحاب العبادة والطاعة،[٤] وحين تُصفَّد الشياطين، فإنّها لا تعود قادرة على إغواء المسلم، وتحريك شهوته، أو إفساد صومه، ولا تستطيع فِعل ما تفعله خارج رمضان؛ من صَرف الناس عن الخير، ودَفعهم إلى الشرّ، وعند إتيان المسلم للمعصية وفِعل الشرّ، فإنّه يلوم نفسه على ذلك، ولا يتعلّل بأنّ الشيطان هو الذي أغواه؛[٦] إذ إنّ الشياطين ضعيفة في رمضان، ولا تكون على حالها الذي تكون عليه في غيره من الشهور، وتكون وساوسها في هذا الشهر الفضيل أقلّ تأثيراً في المسلمين.[٧]
كيف تُوجد المعاصي رغم تصفيد الشياطين في رمضان
تصفيد الشياطين في شهر رمضان لا يعني اختفاءهم، أو عدم وسوستهم للمسلم بالكُلّية؛ فيُحمَل الحديث على أنّ مردة الشياطين هم مَن يُغلّون وليس جميعهم، وتُمنع الشياطين عن المسلمين الذين يُؤدّون حقّ الله في صيامهم، ويُراعون شروطه وموانعه وآدابه، وقلّة الشرور والآثام واضحة في رمضان دون غيره،[٨] كما أنّ ما يُسلَّط على شِرار الناس في رمضان هم مَن دون المَردة؛ أي مَن دون الأقوياء من الشياطين، ولولا أن صُفِّدت الشياطين في رمضان لكان الشرّ أكبر، والإغواء أكثر، وممّا يُلاحَظ في رمضان أنّ أصحاب الخير يزداد خيرهم فيه؛ بسبب مَنع الشياطين عنهم،[٩] إلّا أنّ الشرّ يبقى موجوداً؛ لأنّ سببه ليس مُقتصراً على الشياطين فحسب، وإنّما يشمل النفوس الأمّارة بالسوء أيضاً، وشياطين الإنس، وما اعتاد عليه البشر من القبائح.[١٠]
المراجع
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2965، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1079، صحيح.
- ↑ محمد بن عبد الله الربيش، وصفدت الشياطين، الرياض: دار القاسم، صفحة 2. بتصرّف.
- ^ أ ب عبداللطيف بن هاجس الغامدي، "شياطين رمضان الموثقة والمطلقة !"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2020. بتصرّف.
- ↑ حسن أبو الأشبال الزهري، شرح صحيح مسلم، صفحة 6، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ "الحكمة من تصفيد الشياطين في رمضان"، islamqa.info، 16-8-2014، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2020. بتصرّف.
- ↑ "كيف تقع المعاصي في رمضان مع أن الشياطين مقيدة بالسلاسل"، www.islamqa.info، 23-10-2003، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2020. بتصرّف.
- ↑ "جواب شبهة حول تصفيد الشياطين في رمضان"، www.islamweb.net، 15-9-2010، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2020. بتصرّف.
- ↑ د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان (13-7-2013)، "معنى تقييد الشياطين في رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2020. بتصرّف.
- ↑ موسى شاهين لاشين (2002م)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، -: دار الشروق، صفحة 488، جزء 4. بتصرّف.