دولة معين
تُعدُّ دولة معين أو مملكة معين من أقدم الممالك العربية القديمة في اليمن، ومنطقة شبه الجزيرة العربية خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، وكان نظام الحكم فيها ملكي وراثي، وكان يُطلق على الملك لقب (مزود) بمعنى المقدس، وكانت التجارة دعامة دولة معين، ولا سيما تجارة البهارات واللبان، أما عن عاصمة هذه المملكة، فكانت مدينة قرناو أو القرن، الواقعة في الوقت الحالي شرق العاصمة اليمنية صنعاء، كما تدل بقايا معبد عشتار على وجود أصحاب هذه المملكة، بالإضافة إلى بعض النقوش والكتابات التي عُثر عليها.
تاريخ دولة معين
كان سكان دولة أو مملكة معين يُطلقون على أنفسهم اسم (هود)، ويُرجح تأسيس هذه المملكة في القرن الثلاثين قبل الميلاد، أو القرن العشرين قبل الميلاد، مع العلم أنّ مظاهر التطور والتجارة فيها بدأت خلال الفترة الواقعة بين القرن الخامس عشر قبل الميلاد، والقرن الثالث قبل الميلاد، أما عاصمة دولة معين فيعود تاريخها إلى ألف عام قبل الميلاد، ورغم ذلك يختلف المؤرخون غالباً على تاريخ ظهور هذه الدولة وتاريخ انتهائها، لكن بعضهم يؤكد أنها تلاشت في عام 630 ق.م لتحل محلها دولة أو مملكة سبأ التي حكمتها الملكة بلقيس، ومن قَبل والدها، في حين يرى البعض أن تاريخ نهاية دولة معين، تراوح ما بين عام خمسين وخمسةٍ وعشرين قبل الميلاد، وهناك فريق ثالث يرى أن زوال معين ارتبط بالفترة الممتدة، ما بين عام 125- 75 ق.م.
الحكومات المتعاقبة على معين
يمكن القول أنه خلال الفترة الانتقالية ما بين زوال دولة معين وتأسيس دولة سبأ ظهرت حكومات صغيرة مُستقلة في المدن اليمنية القديمة، وذلك قبل أنّ تنضوي تحت حكم مملكة سبأ، ومن بين هذه الحكومات: هرم، والهرم، ونش، ونشان، وكمنت، وكمنه، وكمنهو، وكمنا، ولحيان، واشتعلت المنافسة والغزوات بين هذه الحكومات أو الممالك الصغيرة، فقد غزا أحد ملوك هرم، الذي كان يُعرف في حينه بيذمر ملك مدينة نشان، ودمرها بشكلٍ كبير، وعلى إثر ذلك حصل على قطعة أرض خصبة من أراضي المدينة، كمنحةٍ من الملك (كرب أيل وتر).
التجارة في دولة معين
عمل أهالي المملكة في التجارة، وفرضوا سيطرتهم على الطرق التجارية في جهة الشمال والجنوب، كما وصل نفوذهم السياسي حتى شمال الحجاز أثناء فترة الألف الأولى قبل الميلاد، وكان هناك واحات على طول الطريق تُعدّ بمثابة استراحة للتجار والرحالة خلال أسفارهم، وتوسعت تجارة دولة معين حتى وصلت إلى مصر، كما وصل شعب هود العراق، وكان لهم تعاملات تجارية مع الآشوريين، ومن اللافت أنه تم العثور على نقوشٍ أو كتاباتٍ تخص دولة معين في جزيرة ديلوس باليونان، مما يدل على وجود علاقةٍ تجاريةٍ مع سكان الجزيرة في تلك الحقبة، ويُذكر أنّ الضرائب كانت تُفرض على الأراضي الزراعية، والتجار، وجميع أبناء الدولة وطبقاتها، وكان شيوخ القبائل والحكام هم من يجمعون الضرائب، وقبل تحويلها إلى الملك، يستقطعون النسبة الخاصة بهم، والمتفق عليها مُسبقاً مع الملك.