المال
يُعتبر المال من أهمّ العناصر التي لا تستقيم الحياة إلا بها، فهو الوسيلة التي يُمكن بها تحقيق الأهداف المختلفة، وتحسين كافة القطاعات، فضلاً عن إحداث تنمية شاملة ومستدامة قادرة على تلبية احتياجات الإنسان، ورغباته، وتطلعاته، دون حرمان الأجيال القادمة من حقها في تلبية احتياجاتها هي الأخرى، ودون الإضرار بالنظام البيئي. تالياً نسلّط الضوء على علاقة المال بالتنمية المستدامة، الشاملة.
دور المال في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة
تهدف التنمية المستدامة أساساً إلى تحقيق العديد من الأهداف المختلفة في كافة المجالات، والأصعدة؛ من تقليل نسب الفقر، والبطالة، والجوع، إلى تحقيق الرفاه الاقتصادي للناس، وتحسين الأوضاع الصحية، والتعليمية، وتحسين الإنتاج، وتأسيس المشاريع الكبرى، والمحافظة على النظام البيئي، وعدم الإخلال به، فضلاً عن العديد من الأهداف الأخرى المهمة.
لمَّا كانت خطط التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق مثل هذه الأهداف العظيمة، فقد تداعت الحاجة بشكل كبير إلى وجود كميات كبيرة من الأموال القادرة على تحويل الخطط والأفكار النظريّة إلى شيءٍ ملموس على أرض الواقع؛ فمثلاً، تحتاج المشاريع الاقتصادية، والصحية، والتعليمية وغيرها إلى أموال طائلة من أجل تنفيذها، وبناء المؤسسات القادرة على استيعاب تلك الأعداد الكبيرة من المستفيدين، كما أن عملية الإنتاج أساساً تحتاج هي الأخرى إلى المواد الأولية، والقوى البشرية المُدرَّبة، وأماكن العمل، والطاقة، والعديد من العناصر الأخرى، حتى تتمّ بالشكل المطلوب، وكل هذه العناصر لا يُمكن الحصول عليها دون وجود المال.
إذا نظرنا إلى الجانب البيئي لخطط التنمية المستدامة، فإننا سنجد أنّ هذه الخطط تضع عادةً في اعتبارها الحدّ من الآثار السلبية الناتجة عن عمليات الإنتاج، والاستهلاك، إلى جانب الحفاظ على الموارد غير المتجددة، والبحث في الوقت ذاته عن مصادر الطاقة المتجددة، وهذا كلُّه يحتاج إلى أموال، خاصّةً أنّ بعض الأفكار التي تُعنى بسلامة النظام البيئي تحتاج إلى كُلفةٍ عاليةٍ لإنزالها على أرض الواقع، كما أن
التأسيس لإنتاج الطاقة من المصادر المُتجددة؛ كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة المياه؛ كلّ هذا يحتاج إلى المال الكثير.
من جانب آخر، فإنّ للمال أثر كبير أيضاً، ودورٌ فعّال في النهوض بالجانب الاجتماعي الذي تراعيه خطط التنمية المُستدامة، وذلك من خلال قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة بين الناس، وتلبية احتياجاتهم الصحية، والتعليمية، وغيرها؛ بصرف النظر عن انتماءاتهم، أو مُعتقداتهم، أو لغاتهم، أو أجناسهم، أو ألوانهم. إلى جانب ذلك، فإنّ المال قادر على الحدّ من تفاقم مشكلتي الفقر، والبطالة؛ الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر وملحوظ على الوضع الاجتماعي، ومُعدَّلات الجرائم التي تُهدِّد أمن المجتمعات، وسلامة أبنائها.