قال أحمد شوقي:
قُم للمعلِّمِ وفِّهِ التَبجيلا
- كادَ المعلِّمُ أَن يكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
- يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
لم تُكتب هذه الأبيات عبثاً، ولم يتغنى بها الملايين من الناس إلّا لأنّ المعلم هو منارة العلم التي تضيء الطريق أمام الطلاب، وهو من يسهّل لهم سبيل معرفة الحق، ويغرس فيهم العلم النافع الذي سيفيدهم في حياتهم القادمة، فهو أبٌ بنصحهم، وصديق بمحاورته لهم، وعالِم بما يقدمه لهم من نفع وإفادة.
وإن بحث باحث في فضل المعلم فلن يستطيع العدّ ولا الإحصاء، فكما أنّ لكل شيء أساس، فالمعلم أساس هذه المجتمعات بعد الأم، حيث ينمّي المعلم ما زرعته الأم في أبنائها من قيم أخلاقية، ويعكسها في تصرفاته وأخلاقه ليرونها بأعينهم، فيكون لهم قدوة حسنة يتبعونها، فلا يغادرون هذه الأخلاق أبداً ما عاشوا، وللمعلم فضل على باقي المهن، كيف لا وهو أساسها؟ ومُعدُّ أصحابها؟ فمن ذا الذي علّم الطبيب ليغدو طبيباُ؟ ومن ذا الذي نوّر المهندس ليصبح مهندساُ؟ ومن ذا الذي أعدّ المحامي ليصبح كذلك؟
المعلم هو صانع الأجيال، وباني شخصيات تلاميذه بما يزرعه فيهم من قيم الحرية، والقيادة، والمسؤولية، والإيثار، وهو من يفتح عيونهم على حبّ الوطن، وهو من يُرغّبهم في الانخراط فيما ينفع هذا الوطن من أنشطة ومبادرات، والمعلم أيضاً من يحيي نفوس تلاميذه ويفتح أعينهم ليروا الجمال في أرضه، ويوجههم ليكونوا قادة ذوي شخصيات قوية وقادرة على نفع هذا الوطن والاستثمار فيه، والمعلم هو شاحذ الهمم ورافع المعنويات ومُقوِّم الأخطاء، فكم من فتى متخاذل فاقد لمعاني الحياة والأمل أعادت له كلمة طيبة محفّزة تلقّاها من معلم له معاني الحياة، فهبَّ وانطلق ليصبح من أنجح أبناء جيله وأكثرهم فائدة لوطنه؟!
ما يقدّمه المعلّم من أفضال على تلاميذه لا يقدّر بثمن، ولكنّه يُوجِب علينا احترامه وتقدير جهوده المبذولة من أجل تنشئتنا، فبما يبثّه فينا من قيم سنرتقي، وبما ينقله لنا من معرفة سنطوّر أوطاننا ونرفع رايتها.