حينما يغرس المرء منّا غرساً فإنّه يرتجي و هو يفعل ذلك ثمراً و نتيجة ، ربما تكون رائحة زكية أو ثمرة طيبة و ترى الإنسان يعتني بغرسه و يحرص عليه و يتعاهده بالرعاية كل صباح فيملأ الماء لسقايته و يحرص على تهويته و أن تصل أشعة الشمس إليه ، و كذلك المسلم في عمله هو حريص على نيل رضا الله سبحانه في شأنه كلّه في أقواله و أفعاله و حركاته و سكناته حاله كحال من يغرس الأشتال و يثبتها في الأرض لتنبت و تكبر في صورة جميلة بهية و رائحة زكية عطرة ثم إذا سأل الناس عنها أشير إليه بالبنان و قيل هذا غرس فلان فيطير فرحاً و سروراً فنتيجة عمله أثمرت فلم يضيع جهده هباء ولم يخسر العناء .
في الأثر النبوي ومما يروى من عطر النبوة أنّ النبي صلى الله عليه و سلم رأى الصحابي الجليل أبو هريرة و هو يغرس غرساً فقال له ألا أدلّك على غراساً خير من ذلك ، فالتفت الصحابي الجليل منتبهاً فرسول الله عليه السلام الذي لا ينطق عن الهوى لا يقول إلّا حقاً و لا ينطق إلا صدقاً ، قال ، قل : سبحان الله و الحمد لله و لاإله الا الله و الله أكبر فهي غراس الجنة ، و ما أعظمها من كلمات و ذكر يفوح عطراً فسبحان الله هي تنزيه له سبحانه و الحمد هو الثناء و التمجيد و لا إله إلا الله هي توحيده سبحانه فهو الواحد الأحد الفرد الصمد و التكبير هو التعظيم و الإجلال فللّه در من حرص على ترديد هذه الأذكار صباحاً و مساءاً ، قال تعالى " الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار " فهي التي ترفع الدّرجات و يحصل بسببها المؤمن الحسنات و هي الحرز المكين و الحصن الحصين من تمسّك بها نجا و من اعتصم بها في درجات الجنة علا ، و قد أسماها رسول الله صلى الله عليه و سلم غراساً لأنّها تغرس كما تغرس النّبتة في الأرض فكذلك هي تلك الكلمات تغرس في الجنة لأنّ مكانها ثمً ، فلنحرص على ترديدها دائماً جعلنا الله من الفائزين بالجنان الحائزين على رضا الله سبحانه في الدنيا و الآخرة .