ما هو البراق

كتابة - آخر تحديث: ٢١:٢٢ ، ١٣ فبراير ٢٠١٧
ما هو البراق

تعريف البراق

البراق هو اسمٌ للدابة التي ركبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة أُسرِي به إلى المسجد الأقصى، ومنها عرج إلى السماء السابعة، وقد اشتُقّ اسم البراق من البرق لسرعته، وقيل سُمّي بذلك لشدّة صفائه ووضوح ألوانه وتلألئها، وقيل إنّ سبب تسميته بذلك أنّه ذو لونين، لذلك يقال شاة برقاء إذا كان خلال صوفها طاقات سود.[١]


والبراق: دابة بيضاء، أكبر حجماً من الحمار وأصغر من البغل، وخطو البراق مدّ البصر، مما يعني أنّ سرعته تُقارب سرعة الطائرة، ومن خواصّه وصفاته أنه إذا رفع حافره فإن خطوته تكون مدّ البصر أي تقع في الموضع الذي يقع عليه بصره؛ ولهذا تمكن بقدرة الله من قطع تلك المسافة في مدة وجيزة، وقد سمي بالبراق لبريقه ولمعانه.[٢]


وقد جاء ذلك الوصف للبراق من حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بعد أن عاد من رحلتي الإسراء والمعراج حيث يقول: (بينا أنا عند البيتِ بين النائمِ واليقظانِ -وذكر: يعني رجلاً بين الرجلين- فأُتيتُ بطستٍ من ذهبٍ، مُلِئَ حكمةً وإيمانًا، فشُقَّ من النحرِ إلى مَراقِّ البطنِ، ثم غُسِلَ البطنُ بماءِ زمزمَ، ثم مُلِئَ حكمةً وإيمانًا، وأُتيتُ بدابَّةٍ أبيضَ دون البغلِ وفوقَ الحمارِ: البُراقُ، فانطلقتُ مع جبريلَ حتى أتينا السماءَ الدنيا... ).[٣]


وورد وصفه كذلك في حديثٍ آخر يرويه أمين سرِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- ومما جاء فيه قوله: (والله ما زال البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعد الآخرة أجمع ثم عادا عودهما على بدئهما، قال: ثم ضحك حتى رأيت نواجذه، قال ويحدثون أنه لربطه ليفر منه وإنما سخره له عالم الغيب والشهادة، قال: قلت: أبا عبد الله أي دابة البراق؟ قال دابة أبيض طويل هكذا خطوة مد البصر).[٤]


أحداث سبقت الإسراء والمعراج

بعد وفاة السيدة خديجة أم المؤمنين وأبي طالب عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ازدادت هموم المصطفى وتشعّبت، فقط كانت خديجة وأبو طالب السند والنصير والمعاون له في كُرَبه ومصائبه، حيث كانا يدافعان عنه كلما آذاه أحدٌ من كفار قريش، وعندما ذهب إلى الطائف لدعوة أهلها إلى الإسلام أملاً بأن تتقوّى شوكته ويظهر دينه الذي بعثه الله به بإسلام أهل الطائف، لكنه قوبِل بالصَّد والتكذيب والإهانة، فقد بعث كفار الطائف خلفه صغارهم ومجانينهم ليرموه بالحجارة حتى ابتعد عن الطائف عائداً معكسور الخاطر فارغ اليدين إلى مكة المكرمة.[٥]


حينها دعا الله أن يخفف همه ويزيل غمه بعد أن صلى ركعتين قائلاً: (اللهمَّ إني أشكو إليك ضعفَ قوَّتي وهواني على الناسِ أرحمَ الراحمينَ أنت أرحمُ الراحمينَ إلى مَن تكِلُني إلى عدوٍّ يتجهَمُني أم إلى قريبٍ ملَّكتَه أمرِي إنْ لم تكنْ غضبانَ علَيَّ فلا أبالِي غيرَ أن عافيتَك أوسعُ لي أعوذُ بوجهِك الذي أشرقت له الظلماتُ وصلح عليه أمرُ الدنيا والآخرةِ أن ينزلَ بي غضبُك أو يحلَّ بي سخَطُك لك العُتبَى حتى ترضَى ولا قوةَ إلا باللهِ).[٦]


وبعد تلك الحادثة ما لبث أن عاد إلى مكة المكرمة حتى جاء جبريل عليه السلام يدعوه إلى لقاء الله في رحلةٍ مهيبة ومعجزة سحرت القلوب وفتنت العقول، فما بقي بيت بالعرب إلا تكلم عنها، قال تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ*مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ*وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ*عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ*ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ*وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ*ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ*فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ*مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ*أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ*وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ*عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ*لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ)،[٧] وكانت تلك المعجزة للتسرية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما وجده في تلك المرحلة من هم وحزن.[٥]


حادثة الإسراء والمعراج

أنعم الله سبحانه وتعالى على عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بهذه المعجزة الفريدة ليسرّي عنه، وليثبت لقومه صدق نبوته، ولأسباب أخرى عديدة يصعب حصرها، ومن إعجاز تلك الحادثة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد انتقل من مكة إلى المسجد الأقصى في جزءٍ من الليلة، مع أن قطع تلك المسافة كانت تحتاج في تلك الفترة إلى شهرٍ كامل، ناهيك عن عروجه إلى السماء السابعة، وذلك الأمر الذي لم يشهده العالم بأسره لا في تلك الفترة ولا بعدها، وقد ساهم البراق في ذلك الأمر بقدرة الله عزّ وجل، وكان في ذلك اختبارٌ للصحابة، وخاصة الذين آمنوا حديثاً، وقد صدق الله رسوله وأيّده، بعد أن كذّبه كفار قريش، وشكك بأمره المنافقون وضعاف الإيمان بأن جعله يصف لهم بيت المقدس وصفاً دقيقاً، مع أنه لم يكن قد زاره قبل تلك الحادثة مطلقاً.[٨]


المراجع

  1. محمد بن يوسف بن علي بن سعيد، شمس الدين الكرماني (1937)، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 164، جزء 13. بتصرّف.
  2. عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، شرح كتاب السنة للبربهاري، السعودية: دروس صوتية فرّغها موقع الشبكة الإسلاميّة، صفحة 3. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 3207.
  4. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 311، حديث حسن.
  5. ^ أ ب محمد بن عبد الله الأحمد (6/11/2013)، "عام الحزن عام الفرج"، طريق الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2017. بتصرّف.
  6. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 6/38، رجاله ثقات ما عدا إسحاق فهو مدلس ثقة.
  7. سورة النجم، آية: 1-18.
  8. كارم السيد غنيم، "معجزة الإسـراء والمعراج من منظـور علـمي"، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2017. بتصرّف.
2,596 مشاهدة