محتويات
مدينة تستر
تقع مدينة تستر على نهر كارون في الأهواز، وهي من أقدم المدن الفارسية، وفيها تقع أعظم حصونها وأعتاها. وتتميز مدينة تستر بسورها الضخم ذي الأبراج العالية، كما أن فيها خندقاً مملوءاً بالماء يحيط بكامل المدينة، وهو من أهم دفاعاتها.
أسباب الحرب على تستر
إنّ السبب المباشر في الحرب على مدينة تستر هو أنّه كان يحكمها الهرمزان الفارسي، والذي كان قد قطع ثلاثة عهودٍ للمسلمين، بأن لا يقاتلهم، وأن يدفع الجزية، ولكنّه كان يخنث بعهوده في كلّ مرةٍ. وحين علم عمر بن الخطاب بنقض العهد للمرة الثالثة من قبل الهرمزان، أمر بخروج جيشٍ ينطلق من عاصمة المسلمين الكوفة متجهاً إلى بلاد فارس، بقيادة الصحابي النعمان بن مقرن لمواجهة الهرمزان في الأهواز، ثمّ أتبع الجيش بجيشين، بقيادة كلٍ من الصحابيين سويد بن مقرن، وجرير بن عبد الله البجلي الذي خاض معركة القادسية.
كما أخرج من البصرة جيشاً آخر بقيادة سهل بن عدي أخو سهيل بن عدي الذي فتح منطقة الجزيرة العربية، وقد اصطحب معه خمسة مقاتلين من خيرة الفرسان المسلمين، وذلك حسب ما أشار عليه عمر بن الخطاب، وهم: مَجْزأة بن ثور والذي يُعدّ من خيرة الأبطال، والبراء بن مالك والذي يشتهر بشدة تحمله للصعاب وحبه للمجازفة، وكعب بن ثور، وعرفجة بن هرثمة، وحذيفة بن محصن.
انطلاق الجيش الفاتح
خرج النعمان بجيشه من مدينة الكوفة باتجاه نهر كارون عبر نهر درجلة، كما توجه سهل بن عدي مع جيشه من البصرة باتجاه الأهواز، إلّا أنّ جيش النعمان بن مقرن كان الأسرع، حيث عبر سوق الأهواز واصلاً مدينة رامَهُرمُز، وكان الهرمزان فيها، فتمت محاصرتها واشتعلت بين الجيشين الإسلامي والفارسي معركةٌ كانت فيها الغلبة لجيش النعمان على الهرمزان.
أهمّ مسببات الانتصار
لعلّ سرعة وصول جيش النعمان إلى الأهواز بطريقةٍ مباغتةٍ، كان له الأثر الأول في تحقيق الانتصار، حيث تفاجأ جيش الهرمزان وتقهقر أمام هول المفاجأة، معلناً انسحابه متجهاً لمدينة تستر، والتي تشتهر بحصونها المنيعة.
حصار تستر وفتحها
حين علم سهل بن عدي بنبأ انتصار النعمان على الهرمزان الذي يختبئ في تستر، غير وجهته من مدينة رامهرمز إلى مدينة تستر، فحاصرها مع النعمان وباقي فرق الجيش الإسلامي، التي يقودها كلٌّ من: غالب، وسلمى، وكليب، وحرملة، تحت زعامة واحدة تعود لحرقوص بن زهير. في الوقت الذي أرسل فيه عمر بن الخطاب القائد أبا موسى الأشعري، على رأس جيشٍ آخر من البصرة، يتوجه إلى تستر وقد تمّ حصار المدينة مدة ثمانية عشر شهراً، وهي أطول مدّة في التاريخ تُحاصر فيها مدينة، وقد كان فيها جيش المسلمين معرضاً لسهام الفرس من أبراج الحصن، ليسقط أمام قائد الجيوش أيو موسى الأشعري، سهمٌ يحمل رسالةً يطلب صاحبها الأمان مقابل أن يُعطي المُسلمين خارطة الدخول إلى تستر، فأعطي صاحب السهم الأمان، وذلك بسهمٍ آخر محملاً برسالة موجهةٍ إلى حصن تستر.
وهكذا لتتم القرعة ويدخل مجزأة بن ثور سابحاً تحت الحصن برفقة الفارسي الذي أعلمه بكلّ خفايا الحصن، وتمّ اقتحام هذا الحصن عن طريق نفق المياه، والاستيلاء عليه، ثمّ فتح المدينة.