النظافة والنظام
يتعلم الإنسان منذ صغره العديد من القيم التي لا تستقيم حياته بدونها، فهذه القيم تساعده على التعامل مع محيطه بشكل أفضل وبطريقة لا تسبب له المتاعب، إلى جانب أهميتها القصوى في تغيير نظرته إلى ما يتعامل معه باستمرار؛ إذ تضفي على نفسيته الراحة، والاطمئنان، والسعادة، بحيث يصير أكثر قدرة على البذل، والعطاء، والعمل، والإنتاج.
من القيم العظيمة التي يجب على كل فرد أن يبدأ بتعلمها منذ نعومة أظفاره، قيمة النظافة، والتي تعتبر واحدة من أهم العوامل التي تساعد الإنسان على التنعم بحياة صحية خالية من الأمراض، هذا عدا عن تأثيراتها الكبيرة على نفسية الإنسان، فبإمكان البيئة النظيفة أن تضفي جواً من الراحة على كل من يتواجد فيها، على عكس البيئات التي تنتشر فيها القاذورات، والأوساخ.
الفطرة الإنسانية بطبيعتها ترتاح إلى النظافة، ومن هنا فقد حثت الديانات السماوية على ضرورة الاعتناء بهذا الأمر، فنظافة الإنسان قد تعكس جزءاً من طبيعته وشخصيته، كما أنها تعطي انطباعاً عن نمط تفكيره، فمن يعتني بالنظافة يعترف بشكل ضمني أنه ممن يقدرون نعم الله تعالى عليهم.
من القيم الأخرى التي لها ارتباط كبير ووثيق من بعض الوجوه بقيمة النظافة، النظام؛ ذلك أن مفهوم النظام يتضمن العديد من المعاني الهامة؛ كالترتيب، والانضباط، والاعتناء بالأولويات، ووجود التنسيق، والتعاون، ولو أخذنا الترتيب وهو ما يرتبط بالنظافة بشكل رئيسي مع معاني النظام، لوجدنا أن العلاقة بينهما وثيقة جداً، فترتيب البيئة المحيطة يعتبر عاملاً رئيسياً من عوامل توفر النظافة؛ فالنظافة تقل بشكل كبير في الفوضى.
قد يتخذ مفهوم النظام أبعاداً أكبر مما سبق ذكره، مما يجعله مخولاً لدخول العديد من المجالات الحياتية، والعلوم الإنسانية، فنجد أن النظام اقترن بالسياسة من خلال مفهوم النظام السياسي، وكذلك الأمر بالنسبة للاجتماع، والاقتصاد، والدين، وضمن هذا الإطار يمكن تعريف النظام على أنه ذلك الشيء الذي يتألف من عدد من العناصر التي ترتبط فيما بينها ارتباطاً وثيقاً بحيث تشكل مع بعضها البعض كياناً واحداً غير متجزِّئ.
يساعد النظام بمفهومه المنتشر بين الناس على تسهيل التعامل مع مختلف العناصر التي يحتاج الإنسان إلى التعامل معها، كما أن النظام يساعد بشكل أو بآخر على توفير الوقت من خلال تقليص المدد الزمنية التي تحتاجها الأنشطة الإنسانية إلى حدودها الدنيا، هذا ويعتبر النظام وسيلة من وسائل إعطاء الناس حقوقهم دون إهدار، فالفوضى تضيع الحقوق، وتجعل الناس مضطرين إلى اللجوء إلى الوسائل غير المشروعة لنيل هذه الحقوق.
النظافة والنظام من القيم الأساسية في حياة أي إنسان، فبدونهما ستتحول الحياة إلى فوضى عارمة، وستنتج مشكلات عدة كان الإنسان بغنى عن الخوض فيها، وإهدار طاقته، ووقته سعياً وراء حلها، والتخلص منها، ومن هنا فإن على البيت والمدرسة معاً واجباً كبيراً في تعليم الأطفال مثل هذه الأمور، حتى يمتلكوا بعضاً من عوامل النجاح في حياتهم مستقبلاً.