خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان أوّل ما خلقه من طين مستودعًا هذا الجسد سراً من أسراره، وآيةً من آيات قدرته وعظمته وهي الرّوح، فالرّوح هي من أمر الله تعالى بلا شكّ حيث لا يعلم سرّها إلاّ ربّ العزّة سبحانه الذي جعل هذه الرّوح سبب الحياة وكينونة الوجود، قال تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً، ).
كما اقتضت مشيئة الله تعالى أن تكون لكلّ إنسانٍ روحه التي تتميّز عن غيره من النّاس والتي جعل لها أجلٌ محدود ولانتهائها ميقاتٌ معلوم، فلا تخلد الأرواح في الدّنيا بل تبقى في الأجساد إلى حين، ثمّ يتوفّى الله الأجساد التي تكون فيها فتخرج تلك الأرواح من هذه الأجساد لتنتقل إلى حياةٍ أخرى وعالمٍ آخر، فما هي الكيفيّة التي تخرج فيها الرّوح من الجسد؟
كيفيّة خروج الرّوح من الجسد
حينما يحين أجل الإنسان ويكون في انقطاع من الدّنيا وإقبال على الآخرة تخالجه مشاعر غريبة، وأحاسيس مؤلمة حينما يستشعر رغبة روحه في مغادرة جسده، فيحسّ بها وهي تنسحب شيئًا فشيئًا من أطراف جسده فتبدأ بالقدمان واليدان فتغادرهما تاركةً هذين العضوين في حالة موت وسكون بلا حراك، ثمّ تنسحب الرّوح بأمر الله تعالى من باقي الجسد خليّةً خليّة وعضوًا عضوًا حتّى تصل إلى الحلقوم.
قال تعالى (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ )، وعند الحلقوم تتحشرج النّفس وتعاني من سكرات الموت ما لا يَعلمه إلاّ الله تعالى حين لا ينفع إيمان نفسٍ أو توبتها لم تكن آمنت من قبل، ففي الحديث الشّريف أنّ الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، والغرغرة تكون عندما تصل الرّوح إلى الحلقوم، وبعد الحلقوم يأمر الله تعالى الرّوح أن تخرج من الجسد وتفارقه جثّة هامدة حتّى يأذن سبحانه لها بالعودة إليه مرّة أخرى .