النساء في الإسلام
إنّ التكاليف الشرعية للإسلام كاملةٌ، وموافقةٌ للفطرة البشرية، خاصةً الأحكام المتعلقة بالمرأة، والغاية من جعلها بتلك الصورة؛ هوالسعي لتحقيق الخير والصلاح للمكلفين، وذلك ضمن قدراتهم، ومما دلّ على ذلك قول الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)،[١] ومن الأمور التكليفية: الصلاة، والصيام، والطهارة، وغض البصر، والستر، وعدم إحداث البدع في الدين، وغير ذلك من التكاليف الشرعية، وبذلك يتحقق للأمة الإسلامية النصر، والعزة، والتمكين، ومن الجدير بالذكر أنّ النساء كنّ في الجاهلية من المتاع الذي يتوارثه النّاس، وعند مجيء الإسلام أصبحت المرأة من الوَرثة، كما أنّ المشركين كانوا يئدون البنات؛ خوفاً من لحوق العار بهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ)،[٢] إلّا أنّ الإسلام أكرم المرأة، وجعل لها منزلةً ومكانةً جليلةً، ومما يدلّ على ذلك؛ أنّ الله -تعالى- خلقها من ذات أصل الرجل، فكان خلق المرأة جزءاً من خلق آدم عليه السلام، ودليل ذلك قول الله تعالى: (هُوَ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنها زَوجَها لِيَسكُنَ إِلَيها)،[٣] فالله -تعالى- خلق آدم بيده، ثم علّمه الأسماء، وجعل الملائكة يسجدون له، ومنح آدم العقل؛ ليكون خليفةً على الأرض، وأمره بعبادته وحده، كونه المستحق للعبادة.[٤]
وصية الرسول بالنساء
قال النبي محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم: (استوصُوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلقتْ من ضِلعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلعِ أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزلْ أعوجَ، فاستوصُوا بالنِّساءِ)،[٥] فإنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الرجال باختلافهم سواءً كانوا آباءاً، أم أزواجاً، أم إخوةً بالنساء، وأمرهم بالعمل بما جاء بالوصية، وأمر الرجال بالرفق بالنساء، وعشرتهن بإحسان، ثمّ بيّن الرسول -عليه الصلاة والسلام- طبيعة خلق الله للنساء؛ حثّاً للرجال للعمل بما أوصى به، فالله -تعالى- خلق حواء من ضلع آدم، واستخدم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لفظ الضلع؛ للدلالة على الاعوجاج، أيّ أنّ خلق المرأة كان فيه اعوجاجاً، حتى يبيّن الرسول أنّ التعامل مع المرأة مبني على الصبر، والحلم، والمداراة، وأكثر جزءٍ في المرأة يتحقق فيه الاعوجاج لسانها، كما أنّه لا سبيل إلى استقامة المرأة، وقد يؤدي العمل على استقامتها إلى فراقها، وعدم التعامل معها، والسبيل الوحيد للتعامل مع المرأة هو الرفق واللين، وقال الإمام النووي تعقيباً على حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (فيه الحث على الرفق بالنساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنّه لا مطمع في استقامتهن)، ومن الجدير بالذكر أنّ وصية الرسول -عليه الصلاة والسلام- وردت بالنساء؛ بسبب ضعف المرأة، وحاجتها لمن يدبّر أمورها ويقوم عليها، فالنساء فيهن ضعفاً، ولكن الضعف الذي فيهن لا يعدّ ضعفاً مذموماً، فإنّ فيه جانباً ليس من قصد المرأة واختيارها، وفيه جانبٌ آخرٌ مرغوبٌ ومحمودٌ، وأمّا الجانب غير المقصود: هو الضعف في الجسم، والبنية، والقوة، وأمّا جانب الضعف المحمود: هو ضعف القلب والمشاعر، بحيث تكون مشاعرها وعواطفها رقيقةً، إلّا أنّ المطلوب منها عدم الإفراط في المشاعر والأحاسيس.[٦]
اهتمام الرسول في النساء
اهتم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالمرأة، حيث خصّ لها مكانةً رفيعةً، ومنزلةً جليلةً، وكرامةً مصانةً، فالاهتمام كان بالمرأة وهي أماً، وما يدل على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما سأله رجلٌ بأحقية الناس في الصحبة، فأجابه رسول الله: (أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)،[٧] كما أنّ الاهتمام كان بالمرأة وهي بنتاً، حيث كان للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أربع بناتٍ من زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهن: أم كلثومٍ، ورقيةٌ، وزينبٌ، وفاطمةٌ، فكان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عند ولادة بناته يُسرّ ويفرح فرحاً كبيراً، كما أنّه عند ولادة فاطمة توسّم فيها البركة، والخير، واليمن؛ فلقّبها بالزهراء، وكان يطلق عليها أم أبيها مع أنّها كانت الابنة الرابعة، وفي ذلك درسٌ من -الرسول صلّى الله عليه وسلّم- على عِظم وأهمية شكر الله تعالى، وإظهار الفرح والسرور بقدوم البنات، والحرص على تربيتهن تربيةً صالحةً، وعلى تزويجهن من صاحب الدين، والتقوى، فالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- زوّج بناته لأصحاب الدين؛ فزوّج زينب من أبي العاص بن الربيع القرشي، وزوّج رقية من عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثمّ بعد وفاة رقية، تزوّج عثمان من ابنة الرسول الاخرى أم كلثوم، وزوّج الرسول ابنته فاطمة لعليٍ بن أبي طالب رضي الله عنه، كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لم يقطع بناته بعد زواجهن، فكان يزورهن، ويُدخل إلى قلوبهن الفرح والسرور، وكان يداوم على ذلك رغم كل ظروفه، كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- اهتم بالمرأة وهي زوجةً، وجعل من المعايير التي تدل على خير الرجل؛ حسن معاملته لزوجته، ودليل ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي)،[٨] فإنّ الرسول كان محسناً في عشرة زوجاته، ومحباً لهن، وصابراً عليهن، ومعيناً لهن في أمور البيت، ومما يدل على ذلك قول عائشة -رضي الله عنها- عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما كان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَصنعُ في أهلِهِ؟ قالتْ: كان في مِهْنَةِ أهلهِ، فإذا حضرتِ الصلاةُ قامَ إلى الصلاةِ).[٩][١٠]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 286.
- ↑ سورة التكوير، آية: 8-9.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 189.
- ↑ "النساء في الإسلام"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3331، صحيح.
- ↑ "استوصوا بالنساء خيراً"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5971، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4177، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6039، صحيح.
- ↑ "اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-10-2018. بتصرّف.